للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا عَارِيَّةٍ، وَعَنْهُ: يُقْطَعُ جَاحِدُ الْعَارِيَّةِ، وَيُقْطَعُ الطَّرَّارُ، وَهُوَ: الَّذِي يَبُطُّ الْجَيْبَ، وَغَيْرَهُ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ، وَعَنْهُ: لَا يُقْطَعُ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يَسْمَعْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَلِأَنَّ الِاخْتِلَاسَ نَوْعٌ مِنَ النَّهْبِ، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْخَائِنِ، وَالْمُخْتَلِسِ فَالْغَاصِبُ أَوْلَى، وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: يُقْطَعُ، لِأَنَّهُ يَسْتَخْفِي بِأَخْذِهِ، فَيَكُونُ سَارِقًا، وَالْمَنْقُولُ عَنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ خِلَافُهُ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ، وَلَا مُنْتَهِبٍ، وَلَا مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: بَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ يَاسِينَ الزَّيَّاتِ (وَلَا جَاحِدِ وَدِيعَةٍ) وِفَاقًا لِعُمُومِ قَوْلِهِ: «لَا قَطْعَ عَلَى خَائِنٍ» لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَارِقٍ (وَلَا عَارِيَّةٍ) ، وَلَا غَيْرِهَا مِنَ الْأَمَانَاتِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ (وَعَنْهُ: يُقْطَعُ جَاحِدُ الْعَارِيَّةِ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَالْكَوْسَجِ، وَالْخُوَارِزْمِيِّ، وَأَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ مَنْصُورٍ، وَجَزَمَ بِهَا ابْنُ هُبَيْرَةَ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَنَصَرَهَا الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَطْعِ يَدِهَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَعْرِفُ شَيْئًا يَدْفَعُهُ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ: هُوَ حُكْمٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ يَدْفَعُهُ شَيْءٌ، وَالْأُولَى أَصَحُّ، وَالْمَرْأَةُ إِنَّمَا قُطِعَتْ يَدُهَا لِسَرِقَتِهَا، لَا لِجُحُودِهَا، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» . وَإِنَّمَا عَرَّفَتْهَا عَائِشَةُ بِجَحْدِهَا الْعَارِيَّةَ، لِشُهْرَتِهَا بِذَلِكَ، وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ مُوَافَقَةٌ لِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ، وَالْقِيَاسِ، وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، فَيَكُونُ أَوْلَى (وَيُقْطَعُ الطَّرَّارُ، وَهُوَ: الَّذِي يَبُطُّ الْجَيْبَ، وَغَيْرَهُ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ) هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>