الْمَتَاعَ عَلَى بَهِيمَةٍ، فَخَرَجَتْ بِهِ، أَوْ فِي مَاءٍ جَارٍ، فَأَخْرَجَهُ، أَوْ قَالَ لِصَغِيرٍ أَوْ مَعْتُوهٍ: ادْخُلْ فَأَخْرِجْهُ، فَفَعَلَ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ. وَحِرْزُ الْمَالِ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِحِفْظِهِ فِيهِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْوَالِ، وَعَدْلِ السُّلْطَانِ وَجَوْرِهِ، وَقُوَّتِهِ، وَضَعْفِهِ، فَحِرْزُ الْأَثْمَانِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
سَرِقَةً (أَوْ نَقَبَ، وَدَخَلَ، فَتَرَكَ الْمَتَاعَ عَلَى بَهِيمَةٍ، فَخَرَجَتْ بِهِ) مِنْ غَيْرِ سَوْقِهَا، لِأَنَّ الْعَادَةَ مَشْيُ الْبَهِيمَةِ بِمَا وُضِعَ عَلَيْهَا، (أَوْ فِي مَاءٍ جَارٍ) وَقِيلَ: وَرَاكِدٍ، (فَأَخْرَجَهُ) الْمَتَاعَ إِلَى حَائِلٍ مِنَ الدَّارِ، فَأَطَارَتْهُ الرِّيحُ، فَهَذَا فِيهِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا قَطْعَ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ آلَةً لِلْإِخْرَاجِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِسَبَبٍ حَادِثٍ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ.
وَالثَّانِي: يُقْطَعُ، لِأَنَّ فِعْلَهُ سَبَبُ خُرُوجِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ سَاقَ الْبَهِيمَةَ.
فَرْعٌ: إِذَا رَمَى الْمَتَاعَ، فَأَطَارَتْهُ الرِّيحُ فَأَخْرَجَتْهُ، أَوْ فَتَحَ طَاقًا فَسَقَطَ مِنْهُ طَعَامٌ، أَوْ غَيْرُهُ قَدْرَ نِصَابٍ، أَوْ أَخْرَجَهُ مِنَ الْحِرْزِ وَرَمَاهُ خَارِجًا عَنْهُ، أَوْ رَدَّهُ إِلَيْهِ، قُطِعَ، لِأَنَّهُ مَتَى ابْتَدَأَ الْفِعْلُ مِنْهُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِعْلُ الرِّيحِ، كَمَا لَوْ رَمَى صَيْدًا، فَأَعَانَتِ الرِّيحُ السَّهْمَ حَتَّى قَتَلَ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ، وَلَوْ رَمَى الْجِمَارَ، فَأَعَانَتْهَا الرِّيحُ حَتَّى وَقَعَ فِي الْمَرْمَى احْتَسَبَ بِهِ، (أَوْ قَالَ لِصَغِيرِهِ، أَوْ مَعْتُوهٍ: ادْخُلْ، فَأَخْرِجْهُ، فَفَعَلَ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ) لِأَنَّهُ لِاخْتِيَارِهِ لَهُمَا فَهُمَا كَالْآلَةِ، وَلَوْ أَمَرَهُمَا شَخْصٌ بِالْقَتْلِ، قُتِلَ الْآمِرُ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا أَخْرَجَ خَشَبَةً أَوْ بَعْضَهَا مِنَ الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ، لِأَنَّ بَعْضَهَا لَا يَنْفَرِدُ عَنْ بَعْضٍ، وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَ عِمَامَةً، وَطَرَفُهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا، وَإِنْ أَخْرَجَ بَعْضَ نِصَابٍ، ثُمَّ دَخَلَ فَأَخْرَجَ تَمَامَهُ وَقَرُبَ، قُطِعَ، وَكَذَا إِنْ بَعُدَ فِي وَجْهٍ، وَقَدَّمَهُ فِي " التَّرْغِيبِ "، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ فِي لَيْلَةٍ قُطِعَ، لَا لَيْلَتَيْنِ، وَإِنْ عَلِمَ الْمَالِكُ بِهَتْكِهِ وَأَهْمَلَهُ، فَلَا قَطْعَ، قَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا يُبْنَى فِعْلُهُ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ، وَلَوْ فَتَحَ أَسْفَلَ كُوَّارَةٍ، فَخَرَجَ الْعَسَلُ شَيْئًا فَشَيْئًا، قُطِعَ.
فَرْعٌ: إِذَا عَلَّمَ قِرْدًا السَّرِقَةَ فَالْغُرْمُ فَقَطْ، ذَكَرَهُ أَبُو الْوَفَا، وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ.
١ -
(وَحِرْزُ الْمَالِ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِحِفْظِهِ فِيهِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْوَالِ، وَعَدْلِ السُّلْطَانِ، وَجَوْرِهِ، وَقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ) لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ فِي الشَّرْعِ، عُلِمَ أَنَّهُ رَدَّ ذَلِكَ إِلَى الْعُرْفِ، لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إِلَى مَعْرِفَتِهِ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ كَمَا رَجَعْنَا إِلَى مَعْرِفَةِ الْقَبْضِ، وَالْفُرْقَةِ فِي الْبَيْعِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute