للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحُسِمَتْ. فَإِنْ عَادَ حُبِسَ، وَلَمْ يُقْطَعْ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى فِي الثَّالِثَةِ، وَالرِّجْلُ الْيُمْنَى فِي الرَّابِعَةِ. وَمَنْ سَرَقَ وَلَيْسَ لَهُ يَدٌ يُمْنَى، قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَإِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَإِنَّمَا قُطِعَتِ الرِّجْلُ الْيُسْرَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ} [المائدة: ٣٣] وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْمُحَارَبَةِ ثَبَتَ فِي هَذَا قِيَاسًا عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ قَطْعَ الْيُسْرَى أَرْفَقُ بِهِ، لِأَنَّ مَشْيَ الرِّجْلِ الْيُمْنَى أَسْهَلُ وَأَمْكَنُ لَهُ مِنَ الْيُسْرَى، وَيَبْعُدُ فِي الْعَادَةِ مِنْ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنَ الْمَشْيِ عَلَيْهَا، فَوَجَبَ ذَلِكَ، لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ بِهِ مَنْفَعَتُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ (مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبِ) لِأَنَّهُ أَحَدُ الْعُضْوَيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ فِي السَّرِقَةِ، فَيُقْطَعُ مِنَ الْمَفْصِلِ كَالْيَدِ، رَوَى سَعِيدٌ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَقْطَعُ السَّارِقَ مِنَ الْمَفْصِلِ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ مِنْ شَطْرِ الْقَدَمِ وَيَتْرُكُ لَهُ عَقِبًا يَمْشِي عَلَيْهَا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْفُرُوعِ "، فَقَالَ: مِنْ مَفْصِلِ كَعْبِهِ، يُتْرَكُ عَقِبُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، (وَحُسِمَتْ) قَالَ أَحْمَدُ: «قَطَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَمَرَ بِهِ فَحُسِمَ» .

تَذْنِيبٌ: يُقْطَعُ السَّارِقُ بِأَسْهَلِ مَا يُمْكِنُهُ، فَيُجْلَسُ، وَيُضْبَطُ، لِئَلَّا يَتَحَرَّكَ فَيَجْنِيَ عَلَى نَفْسِهِ، وَتُشَدُّ يَدُهُ بِحَبْلٍ، وَتُجَرُّ حَتَّى يُتَيَقَّنَ الْمَفْصِلُ، ثُمَّ تُوضَعُ السِّكِّينُ وَتُجَرُّ بِقُوَّةٍ لِتَقْطَعَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ.

(فَإِنْ عَادَ حُبِسَ) حَتَّى يَتُوبَ كَالْمَرَّةِ الْخَامِسَةِ، وَفِي " الْإِيضَاحِ ": وَيُعَذِّبُهُ، وَفِي " التَّبْصِرَةِ ": أَوْ يُغَرَّبُ، وَفِي " الْبُلْغَةِ ": يُعَزَّرُ، وَيُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ (وَلَمْ يُقْطَعْ) أَيْ: يَحْرُمُ قَطْعُهُ، قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "، وَنَصَرَهُ فِي " الْخِلَافِ " وَصَحَّحَهُ، وَإِنَّهَا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ، رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَلِأَنَّ قَطْعَ الْكُلِّ يُفَوِّتُ مَنْفَعَةَ الْجِنْسِ، فَلَمْ يُشْرَعْ كَالْقَتْلِ، فَعَلَى هَذَا يُمْنَعُ مِنْ تَعْطِيلِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ (وَعَنْهُ: أَنَّهُ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى فِي الثَّالِثَةِ، وَالرِّجْلُ الْيُمْنَى فِي الرَّابِعَةِ) ، وَاخْتَارَهَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ فِي السَّارِقِ: إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ» . رَوَاهُ الدَّرَاقُطْنِيُّ، وَرَوَاهُ سَعِيدٌ، عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>