للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَفْعَهُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إِلَّا بِالْقَتْلِ، فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قُتِلَ كَانَ شَهِيدًا، وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّائِلُ آدَمِيًّا، أَوْ بَهِيمَةً،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِأَسْهَلِ مَا يَعْلَمُ) ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْ ذَلِكَ بِأَسْهَلِ مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ (دَفَعَهُ بِهِ) لِأَنَّهُ لَوْ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ لَأَدَّى إِلَى تَلَفِهِ وَأَذَاهُ فِي نَفْسِهِ، وَحُرْمَتِهِ وَمَالِهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَتَسَلَّطَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَأَدَّى إِلَى الْهَرَجِ وَالْمَرَجِ، لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ، لِحُصُولِ الدَّفْعِ بِهِ، وَقِيلَ: إِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ هَرَبٌ، أَوِ احْتِمَاءٌ، وَنَحْوُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا مَتَى عَلِمَ، أَوْ ظَنَّ الدَّافِعُ أَنَّ الصَّائِلَ عَلَيْهِ يَنْدَفِعُ بالقول لَمْ يَجُزْ ضَرْبُهُ بِشَيْءٍ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا تُرِيدُ قَتْلَهُ وَضَرْبَهُ لَكِنِ ادْفَعْهُ، وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: رَأَيْتُهُ يَعْجَبُ مِمَّنْ يَقُولُ: أُقَاتِلُهُ، وَأَمْنَعُهُ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَنْدَفِعُ بِعَصًا لَمْ يَضْرِبْهُ بِحَدِيدٍ (وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إِلَّا بِالْقَتْلِ، فَلَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّ ضَرَرَهُ إِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا بِهِ تَعَيَّنَ طَرِيقًا إِلَى الدَّفْعِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) بِالْقَتْلِ، لِأَنَّهُ قَتَلَ لِدَفْعِ شَرِّ الصَّائِلِ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ كَفِعْلِ الْبَاغِي. وَرُوِيَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ رَجُلًا ضَافَ نَاسًا مِنْ هُذَيْلٍ فَأَرَادَ امْرَأَةً عَلَى نَفْسِهَا، فَرَمَتْهُ بِحَجَرٍ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ لَا يُودَى بِهِ (وَإِنْ قُتِلَ كَانَ شَهِيدًا) لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمِنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَلِأَنَّهُ قتل لدفع ظَلَمَ فَكَانَ شهيدا كَالْعَادِلِ إِذَا قَتَلَهُ الْبَاغِي، وَإِنْ قَتَلَهُ فَهَدَرٌ، وَلَا يَجُوزُ فِي حَالِ مَزْحٍ، ذَكَرُهُ فِي " الِانْتِصَارِ "، وَيُقَادُ بِهِ، ذَكَرَهُ آخَرُونَ (وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>