للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ ضِيَافَةُ الْمُسْلِمِ الْمُجْتَازِ بِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً، فَإِنْ أَبَى فَلِلضَّيْفِ طَلَبُهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

عَلَيْهِ. وَحَمَلَهَا فِي الرِّعَايَةِ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا حَائِطٌ، أَوْ حَافِظٌ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ جَازَ مُطْلَقًا، وَيُقَدِّمُهُ عَلَى الْمَيْتَةِ، لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَهُوَ أَسْهَلُ.

(وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ ضِيَافَةُ الْمُسْلِمِ الْمُجْتَازِ بِهِ) قَالَ أَحْمَدُ: الضِّيَافَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، كُلُّ مَنْ نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَيِّفَهُ، لِمَا رَوَى الْمِقْدَادُ بْنُ كَرِيمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَيْلَةُ الضَّيْفِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَإِنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ مَحْرُومًا كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اقْتَضَاهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ.» رَوَاهُ سَعِيدٌ وَأَبُو دَاوُدَ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ، وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ: «فَإِنْ لَمْ يُقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ.» وَفِي حَدِيثِ عُقْبَةَ: «فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَلَهُمْ حَقُّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَظَاهِرُهُ: أَنَّ ضِيَافَةَ الْكَافِرِ لَا تَجِبُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، بَلْ فِي رِوَايَةٍ: وَتَجِبُ لِذِمِّيٍّ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، لِأَنَّ الضِّيَافَةَ كَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَأَنَّهَا لَا تَجِبُ إِلَّا لِلْمُسَافِرِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ نُصُوصِهِ أَنَّهَا تَجِبُ لِحَاضِرٍ، وَفِيهِ وَجْهَانِ لِلْأَصْحَابِ، في قرية، وَفِي مِصْرَ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ، جَزَمَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ أَنَّ الْمُسْلِمَ تَجِبُ عَلَيْهِ ضِيَافَةُ الْمُسْلِمِ الْمُجْتَازِ بِهِ فِي الْقُرَى لَا الْأَمْصَارِ (يَوْمًا وَلَيْلَةً) وَهُوَ الْأَشْهَرُ فِيهِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، لِمَا رَوَى أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ مَرْفُوعًا، قَالَ: «الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَجَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى أَنَّهَا تَجِبُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِهَذَا الْخَبَرِ، وَهِيَ قَدْرُ كِفَايَتِهِ مَعَ أُدُمٍ، وَفِي الْوَاضِحِ، وَلِفَرَسِهِ تِبْنٌ لَا شَعِيرٌ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ: كَأُدُمِهِ، وَأَوْجَبَ شَيْخُنَا الْمَعْرُوفُ عَادَةً، قَالَ: كَزَوْجَةٍ، وَقَرِيبٍ، وَرَفِيقٍ، وَمَنْ قَدَّمَ لِضِيفَانِهِ طَعَامًا لَمْ يَجُزْ لَهُ قِسْمَتُهُ، لِأَنَّهُ أَبَاحَهُ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ، (فَإِنْ أَبَى فَلِلضَّيْفِ طَلَبُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ) أَيْ: يُحَاكِمُهُ وَيَطْلُبُ حَقَّ ضِيَافَتِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ مَالِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ: إِذَا بُعِثُوا فِي السَّبِيلِ يُضَيِّفُهُمْ مَنْ مَرُّوا بِهِ ثَلَاثَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>