للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُحَرَّمًا، وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْيَمِينِ بِهِ، سَوَاءٌ أَضَافَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، مِثْلَ قَوْلِهِ: وَمَعْلُومِ اللَّهِ، وَخَلْقِهِ، وَرِزْقِهِ، وَبَيْتِهِ، أَوْ لَمْ يُضِفْهُ، مِثْلَ: وَالْكَعْبَةِ، وَالنَّبِيِّ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْحَلِفِ بِرَسُولِ اللَّهِ خَاصَّةً.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

تحريمه، وَاخْتَارَ فِيمَنْ حَلَفَ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ وَحَنِثَ، يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُوقِعَهُ أَوْ يُكَفِّرَ، كَحَلِفِهِ بِاللَّهِ: لَيُوقِعَنَّهُ، وَذَكَرَ أَنَّ الطَّلَاقَ يَلْزَمُنِي، وَنَحْوَهُ يَمِينٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَخَرَّجَهُ عَلَى نُصُوصِ أَحْمَدَ، وَهُوَ خِلَافُ صَرِيحِهَا، وَعَنْهُ: يَجُوزُ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلْأَعْرَابِيِّ الَّذِي سَأَلَهُ عَنِ الصَّلَاةِ: «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ» ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَقْسَمَ بِبَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ، وَجَوَابُهُ مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إِنَّ هَذِهِ اللفظة غير مَحْفُوظَة، وَإِنَّمَا أَقْسَمَ بِمَخْلُوقَاتِهِ، فَإِنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى قُدْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَلِلَّهِ أَنْ يُقْسِمَ بِمَا شَاءَ، وَقِيلَ: فِي أَقْسَامِهِ إِضْمَارُ الْقَسَمِ، أَيْ: بِرَبِّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى، قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اتَّفَقُوا أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِحَقِّ زَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو، وَبِحَقِّ أَبِيهِ، أَنَّهُ آثِمٌ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، (وَلَا تُجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْيَمِينِ بِهِ) لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ وَجَبَتْ فِي الْحَلِفِ بِاللَّهِ وَصِفَاتِهِ، صِيَانَةً لِلِاسْمِ الْأَعْظَمِ، وَغَيْرُهُ لَا يُسَاوِيهِ، (سَوَاءٌ أَضَافَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، مِثْلَ قَوْلِهِ: وَمَعْلُومِ اللَّهِ، وَخَلْقِهِ، وَرِزْقِهِ، وَبَيْتِهِ، أَوْ لَمْ يُضِفْهُ، مِثْلَ: وَالْكَعْبَةِ وَالنَّبِيِّ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، (وَقَالَ أَصْحَابُنَا: تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْحَلِفِ بِرَسُولِ اللَّهِ خَاصَّةً) وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ فِيمَنْ حَلَفَ بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ: وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، لِأَنَّهُ أَحَدُ شَرْطَيِ الشَّهَادَةِ، أَشْبَهَ الْحَلِفَ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْتَزَمَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ كَهُوَ، وَالْأَشْهَرُ: أَنَّهَا لَا تَجِبُ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْأَحَادِيثِ، وَكَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَوْلُ أَحْمَدَ مَحْمُولٌ على الاستحباب.

فَرْعٌ: لَا يَلْزَمُهُ إِبْرَارُ قَسَمٍ فِي الْأَصَحِّ، كَإِجَابَةِ سُؤَالٍ بِاللَّهِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إِنَّمَا يَجِبُ عَلَى مُعَيَّنٍ، فَلَا تَجِبُ إِجَابَةُ سَائِلٍ يُقْسِمُ عَلَى النَّاسِ، وَرَوَى أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، قَالَ: «وَأُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ؛ قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الَّذِي يُسْأَلُ بِاللَّهِ، وَلَا يُعْطِي بِهِ» . فَدَلَّ عَلَى إِجَابَةِ مَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>