حُرٌّ لَأَفْعَلَنَّ، فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَعَنْهُ: عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ إِنْ حَنِثَ، وَإِنْ قَالَ: أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ تَلْزَمُنِي، فَهِيَ يَمِينٌ رَتَّبَهَا الْحَجَّاجُ، فَتَشْتَمِلُ عَلَى الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَصَدَقَةِ الْمَالِ. فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ يَعْرِفُهَا وَنَوَاهَا انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ بِمَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَبْدُ فُلَانٍ حُرٌّ لَأَفْعَلَنَّ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ) أَيْ: فَلَغْوٌ، وَكَذَا إِنْ عَلَّقَهُ، لِأَنَّ تَعْلِيقَ الشَّيْءِ بِالشَّرْطِ أثره أَنْ يَصِيرَ عِنْدَ الشَّرْطِ كَالْمُطْلَقِ، وَإِذَا كَانَ الْمُطْلَقُ لَا يُوجِبُ شَيْئًا، فَكَذَا الْمُعَلَّقُ، وَلَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ إِذَا حَنِثَ بِغَيْرِ خِلَافٍ، لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ بِتَنْجِيزِهِ، فَالْمُعَلَّقُ أَوْلَى، وَلَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ، لِأَنَّهُ حَلَفَ بِإِخْرَاجِ مَالِ غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: مَالُ فُلَانٍ صَدَقَةٌ، (وَعَنْهُ: عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ إِنْ حَنِثَ) لِأَنَّهُ حَلَفَ بِالْعِتْقِ فِيمَا لَا يَقَعُ إِلَّا بِالْحِنْثِ، كَمَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ فُلَانًا، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ قَوْلَهُ: لِلَّهِ عَلَيَّ إِلَى آخِرِهِ، أَنَّهُ نَذْرٌ فَأَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ، لِكَوْنِ النَّذْرِ كَالْيَمِينِ، وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِخِلَافِهِ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: إِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَمَالُ فُلَانٍ صَدَقَةٌ، أَوْ فَعَلَى فُلَانٍ الْحَجُّ، أَوْ هُوَ بَرِيءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ، وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ، فَلَيْسَ بِيَمِينٍ، وَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَذَكَرَ السَّامِرِيُّ فِيهِ الْخِلَافَ.
(وَإِنْ قَالَ: أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ تَلْزَمُنِي) الْبَيْعَةُ: الْمُبَايَعَةُ، أَنْ يَحْلِفَ بِهَا عِنْدَ الْمُبَايَعَةِ وَالْأَمْرِ الْمُهِمِّ، وَكَانَتِ الْبَيْعَةُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بِالْمُصَافَحَةِ، (فَهِيَ يَمِينٌ رَتَّبَهَا الْحَجَّاجُ) بْنُ يُوسُفَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ عَقِيلٍ الثَّقَفِيُّ، وَلَّاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ قِتَالَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَحَاصَرَهُ بِمَكَّةَ، ثُمَّ قَتَلَهُ، وَأَخْرَجَهُ فَصَلَبَهُ، فَوَلَّاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ الْحِجَازَ ثَلَاثَ سِنِينَ، ثُمَّ وَلَّاهُ الْعِرَاقَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ، فَوَلِيَهَا عِشْرِينَ سَنَةً فَزَلْزَلَ أَهْلَهَا، وَرَوَى ابْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: يَا أَهْلَ الشَّامِ، تَجَهَّزُوا لِأَهْلِ الْعِرَاقِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ بَاضَ فِيهِمْ وَفَرَّخَ، اللَّهُمَّ عَجِّلْ لَهُمُ الْغُلَامَ الثَّقَفِيَّ، الَّذِي يَحْكُمُ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا يَقْبَلُ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَلَا يَتَجَاوَزُ عَنْ مُسِيئِهِمْ، (فَتَشْتَمِلُ عَلَى الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَصَدَقَةِ الْمَالِ) ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، زَادَ بَعْضُهُمْ: وَالْحَجِّ (فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ يَعْرِفُهَا وَنَوَاهَا، انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ بِمَا فِيهَا) مِنَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، لِأَنَّ الْيَمِينَ بِهِمَا تَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ، فَكَذَا مَا عَدَاهُمَا فِي قَوْلِ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَاسْتَثْنَى فِي الْوَجِيزِ الْيَمِينَ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute