هَيَّجَهَا، فَإِذَا حَلَفَ: لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا، فَقَضَاهُ قَبْلَهُ، لَمْ يَحْنَثْ، إِذَا قَصَدَ أَلَّا يَتَجَاوَزَهُ، أَوْ كَانَ السَّبَبُ يَقْتَضِيهِ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ ثَوْبَهُ إِلَّا بِمِائَةٍ، فَبَاعَهُ بِأَكْثَرَ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
غير ذَلِكَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى» فَتَدْخُلُ فِيهِ الْأَيْمَانُ، وَلِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِعِ يصرف إِلَى مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى مَا أَرَادَهُ دُونَ ظَاهِرِ اللَّفْظِ، فَكَلَامُ الْمُتَكَلِّمِ مَعَ اطِّلَاعِهِ عَلَى تَعَيُّنِ إِرَادَتِهِ أَوْلَى، وَيُقْبَلُ حُكْمًا مَعَ قُرْبٍ الاحتمال مِنَ الظَّاهِرِ، وَمَعَ تَوَسُّطِهِ رِوَايَتَانِ: أَشْهَرُهُمَا: الْقَبُولُ.
مَسْأَلَةٌ: يَجُوزُ التَّعْرِيضُ فِي الْمُخَاطَبَةِ لِغَيْرِ ظَالِمٍ بِلَا حَاجَةٍ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَقِيلَ: لَا، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَاخْتَارَهُ، لِأَنَّهُ تَدْلِيسٌ كَتَدْلِيسِ الْمَبِيعِ، وَقَدْ كَرِهَ أَحْمَدُ التَّدْلِيسَ، وَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي، وَنَصُّهُ: لَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ مَعَ الْيَمِينِ، (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ رُجِعَ إِلَى سَبَبِ الْيَمِينِ وَمَا هَيَّجَهَا) قَدَّمَهُ فِي الْخِرَقِيِّ وَالْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَحَكَى رِوَايَةً، وَقَدَّمَهُ الْقَاضِي بِمُوَافَقَتِهِ أوضع، وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ عَلَيْهِ، وَذَكَرَهَا الْقَاضِي، وَعَلَيْهَا عُمُومُ لَفْظِهِ احْتِيَاطًا، ثُمَّ إِلَى التَّعْيِينِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَضْعُ لَفْظِهِ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا أَوْ لُغَةً، وَفِي الْمَذْهَبِ: فِي الِاسْمِ وَالْعُرْفِ وَجْهَانِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ النِّيَّةُ، ثُمَّ السَّبَبُ، ثُمَّ مُقْتَضَى لَفْظِهِ عُرْفًا أَوْ لُغَةً، (فَإِذَا حَلَفَ: لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا، فَقَضَاهُ قَبْلَهُ، لَمْ يَحْنَثْ إِذَا قَصَدَ أَلَّا يَتَجَاوَزَهُ، أَوْ كَانَ السَّبَبُ يَقْتَضِيهِ) لِأَنَّ مُقْتَضَى الْيَمِينِ تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ، وَلِأَنَّ السَّبَبَ يَدُلُّ عَلَى النِّيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ، وَلَا كَانَ السَّبَبُ يَقْتَضِيهِ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ـ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا ـ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ إِلَّا بِقَضَائِهِ فِي الْغَدِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَبْرَأُ فِي كُلِّ حَالٍ، لِأَنَّ عُرْفَ هَذِهِ الْيَمِينِ فِي الْقَضَاءِ التَّعْجِيلُ، فَتَنْصَرِفُ الْيَمِينُ الْمُطْلَقَةُ إِلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، فَلَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ غَدًا، وَقَصَدَ مَطْلَهُ، فَقَضَاهُ قَبْلَهُ، حَنِثَ، ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، فَإِنْ كَانَ كَأَكْلِ شَيْءٍ أَوْ بَيْعِهِ، فَإِنْ عَيَّنَ وَقْتًا، وَلَمْ يَنْوِ مَا يَقْتَضِي تَعْجِيلَهُ، وَلَا كَانَ سَبَبُ يَمِينِهِ يَقْتَضِيهِ، لَمْ يَبْرَأْ إِلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ فِي وَقْتِهِ، نَصَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّهُ يَبْرَأُ بِتَعْجِيلِهِ عَنْ وَقْتِهِ، (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ ثَوْبَهُ إِلَّا بِمِائَةٍ، فَبَاعَهُ، بِأَكْثَرَ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، (وَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ حَنِثَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute