للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ حَنِثَ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَهَا فِي دَارٍ - يُرِيدُ جَفَاءَهَا - وَلَمْ يَكُنِ لِلدَّارِ سَبَبٌ هَيَّجَ يَمِينَهُ، فَأَوَى مَعَهَا فِي غَيْرِهَا حَنِثَ. وَإِنْ حَلَفَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لِأَنَّهُ نَوْعُ انْتِفَاعٍ بِهِ يُلْحِقُ الْمِنَّةَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قَطْعَ الْمِنَّةِ، وَلَا كَانَ سَبَبُ يَمِينِهِ يَقْتَضِي ذَلِكَ، لَمْ يَحْنَثْ إِلَّا بِمَا تَنَاوَلَتْهُ يَمِينُهُ، وَهُوَ لُبْسُهُ خَاصَّةً، فَإِنْ نَوَى اجْتِنَابَ اللُّبْسِ خَاصَّةً، قُدِّمَتِ النِّيَّةُ عَلَى السَّبَبِ وَجْهًا وَاحِدًا، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي، لِأَنَّ النِّيَّةَ وَافَقَتْ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَلَا يَتَعَدَّى الْحُكْمُ إِلَى كُلِّ مَا فِيهِ مِنَّةٌ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، لِأَنَّ لِكَوْنِهِ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا أَثَرًا فِي دَاعِيَةِ الْيَمِينِ، فَلَمْ يَجُزْ حَذْفُهُ، وَقِيلَ: إِنِ انْتَفَعَ بِمَا لَهَا فِيهِ مِنَّةٌ بِقَدْرِهِ، أَوِ ارْتَدَّ، حَنِثَ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ، وَذَكَرَ فِي التَّعْلِيقِ وَالْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمَا: يَحْنَثُ بِشَيْءٍ مِنْهَا، لِأَنَّهُ لَا يَمْحُو مِنَّتَهَا إِلَّا بِالِامْتِنَاعِ مِمَّا يَصْدُرُ عَنْهَا، مِمَّا يَتَضَمَّنُ مِنَّةً، لِيَخْرُجَ مَخْرَجَ الْوَضْعِ الْعُرْفِيِّ.

تَنْبِيهٌ: إِذَا كَانَ اللَّفْظُ أَعَمَّ مِنَ السَّبَبِ، كَرَجُلٍ امْتَنَّتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ بِبَيْتِهَا، فَحَلَفَ لَا يَسْكُنُ بَيْتًا، فَقِيلَ: يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى عُمُومِهِ، كَكَلَامِ الشَّارِعِ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِخُصُوصِ السَّبَبِ، لِأَنَّ قرينة حَالَهُ دَالَّةٌ عَلَى إِرَادَةِ الْخَاصِّ، أَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَاهُ، لِإِقَامَةِ السَّبَبِ مَقَامَ النِّيَّةِ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَهَا فِي دَارٍ يُرِيدُ جَفَاءَهَا، وَلَمْ يَكُنِ لِلدَّارِ سَبَبٌ هَيَّجَ يَمِينَهُ، فَأَوَى مَعَهَا فِي غَيْرِهَا، حَنِثَ) أَوْ لَا عُدْتُ رَأَيْتُكِ تَدْخُلِينَهَا، يَنْوِي مَنْعَهَا، حَنِثَ، وَلَوْ لَمْ يَرَهَا لِمُخَالَفَتِهِ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ، وَمَعْنَى الْإِيوَاءِ: الدُّخُولُ، يُقَالُ: أَوَيْتُ أَنَا، وَآوَيْتُ غَيْرِي، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} [الكهف: ١٠] {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ} [المؤمنون: ٥٠] فَإِنِ اجْتَمَعَ مَعَهَا فِيمَا لَيْسَ بِدَارٍ، وَلَا بَيْتٍ، لَمْ يَحْنَثْ، سَوَاءٌ كَانَتِ الدَّارُ سَبَبَ يَمِينِهِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ، لِأَنَّهُ قَصَدَ جَفَاءَهَا بِهَذَا النَّوْعِ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: أَقَلُّ الْإِيوَاءِ سَاعَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ.

مَسْأَلَةٌ: إِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَيْهَا فِيمَا لَيْسَ بِبَيْتٍ، فَإِنْ قَصَدَ جَفَاءَهَا، وَلَمْ يَكُنْ لِلدَّارِ سَبَبٌ هَيَّجَ يَمِينَهُ، حَنِثَ، وَإِلَّا فَلَا، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ، فَإِنْ دَخَلَ عَلَى جَمَاعَةٍ هِيَ فِيهِمْ، يَقْصِدُ الدُّخُولَ عَلَيْهَا، حَنِثَ، وَكَذَا إِنْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>