للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فُلَانٍ الْقَاضِي، فَعُزِلَ، انْحَلَّتْ يَمِينُهُ، إِنْ نَوَى مَا دَامَ قَاضِيًا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَالسَّبَبِ عَلَى عُمُومِ اللَّفْظِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ اللَّفْظِ الْعَامِّ وَقَصْرِهِ عَلَى الْحَاجَةِ، فَكَذَا تَجِبُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، لِكَوْنِهَا دَاخِلَةً فِي الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ.

تَنْبِيهٌ: إِذَا اخْتَلَفَ السَّبَبُ وَالنِّيَّةُ، مِثْلَ أَنِ امْتَنَّتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ بِغَزْلِهَا، فَحَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا، يَنْوِي اجْتِنَابَ اللَّبْسِ خَاصَّةً، دُونَ الِانْتِفَاعِ بِثَمَنِهِ وَغَيْرِهِ، قُدِّمَتِ النِّيَّةُ عَلَى السَّبَبِ وَجْهًا وَاحِدًا، لِأَنَّ النِّيَّةَ وَافَقَتْ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَإِنْ نَوَى بِيَمِينِهِ ثَوْبًا وَاحِدًا، فَكَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُقَدَّمُ السَّبَبُ، لِأَنَّ اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِي الْعُمُومِ وَالسَّبَبُ، وَهُوَ الِامْتِنَانُ، يُؤَكِّدُ ذَلِكَ الظَّاهِرَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّ السَّبَبَ إِنَّمَا اعْتُبِرَ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْقَصْدِ، فَإِذَا خَالَفَ حَقِيقَةَ الْقَصْدِ لَمْ يُعْتَبَرْ، فَكَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا اللَّفْظُ بِعُمُومِهِ، وَالنِّيَّةُ تَخُصُّهُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، (وَإِنْ حَلَفَ: لَا رَأَيْتُ مُنْكَرًا إِلَّا رَفَعْتُهُ إِلَى فُلَانٍ الْقَاضِي، فَعُزِلَ، انْحَلَّتْ يَمِينُهُ إِنْ نَوَى مَا دَامَ قَاضِيًا) لِأَنَّ الرَّفْعَ بِمَنْزِلَةِ الْخُرُوجِ، فِيمَا إِذَا حَلَفَ لِعَامِلٍ لَا يَخْرُجُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَنَوَى مَا دَامَ عَامِلًا (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ، احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ) أَحَدَهُمَا: لَا تَنْحَلُّ، قَالَ الْقَاضِي: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَالثَّانِيَ: بَلَى، وَهُوَ ظَاهِرُ الْوَجِيزِ، لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: رَفَعَهُ إِلَيْهِ إِلَّا فِي حَالِ وِلَايَتِهِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: إِذَا رَفَعَهُ إِلَيْهِ بَعْدَ الْعَزْلِ بَرَّ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِذَا رَأَى مُنْكَرًا فِي وِلَايَتِهِ وَأَمْكَنَ رَفْعُهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى عُزِلَ، لَمْ يَبِرَّ، وَهَلْ يَحْنَثُ بِعَزْلِهِ؛ فِيهِ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ كَمَا لَوْ مَاتَ. وَالثَّانِي: لَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ فَوَاتُهُ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَلِيَ فَيَرْفَعَهُ إِلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ إِمْكَانِ رَفْعِهِ إِلَيْهِ حَنِثَ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنِ الْوَالِي، أَذَنْ؛ فَفِي تَعْيِينِهِ وَجْهَانِ، فِي التَّرْغِيبِ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ تَعْيِينِ الْعَهْدِ وَالْجِنْسِ، وَفِيهِ: لَوْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ، فَقِيلَ: فَاتَ الْبِرَّ كَمَا لَوْ رَآهُ مَعَهُ، وَقِيلَ: لَا، لِإِمْكَانِ صُورَةِ الرَّفْعِ، فَعَلَى الْأُولَى: هِيَ كَإِبْرَائِهِ مِنْ دَيْنٍ بَعْدَ حَلِفِهِ لِيَقْضِيَهُ، وَفِيهِ وَجْهَانِ، وَكَذَا قَوْلُهُ جَوَابًا لِقَوْلِهَا: تَزَوَّجْتَ عَلَيَّ؟ فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ، فَإِنَّهَا تُطَلَّقُ مَعَهُمْ، نَصَّ عَلَيْهِ، أَخْذًا بِالْأَعَمِّ مِنْ لَفْظٍ وَسَبَبٍ.

مَسَائِلُ: الْأُولَى: إِذَا حَلَفَ: لَا رَأَيْتُكِ تَدْخُلِينَ دَارَ زَيْدٍ، يُرِيدُ مَنْعَهَا، فدخلت،

<<  <  ج: ص:  >  >>