للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو الْخَطَّابِ: هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْوَرَعِ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الشَّحْمَ، فَأَكَلَ شَحْمَ الظَّهْرِ حَنِثَ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا، فَأَكَلَ زُبْدًا، أَوْ سَمْنًا، أَوْ كِشْكًا، أَوْ مَصْلًا، أَوْ جُبْنًا، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى الزُّبْدِ وَالسَّمْنِ، فَأَكَلَ لَبَنًا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ حَلَفَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إِلَيْهِ، وَعَنْهُ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي لَحْمًا فَاشْتَرَى رَأْسًا أَوْ كَارِعًا لَا يَحْنَثُ، إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ.

وَالثَّانِي: بَلَى، لِأَنَّهُ لَحْمٌ، وَيَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ (وَإِنْ أَكَلَ الْمَرَقَ لَمْ يَحْنَثْ) فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَحْمٍ (وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي) ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو (مِنْ قِطَعِ اللَّحْمِ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْوَرَعِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَحْمٍ حَقِيقَةً، وَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَحْنَثْ بِهِ كَالْكَبِدِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ أَجْزَاءَ اللَّحْمِ فِيهِ، وَإِنَّمَا فِيهِ مَاءُ اللَّحْمِ، وَدُهْنُهُ. ١

(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الشَّحْمَ، فَأَكَلَ شَحْمَ الظَّهْرِ حَنِثَ) أَيْ: إِذَا أَكَلَ بَيَاضَ اللَّحْمِ كَسَمِينِ الظَّهْرِ، يَحْنَثُ فِي قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى شَحْمًا، وَيُشَارِكُ شَحْمَ الْبَطْنِ فِي اللَّوْنِ وَالذَّوْبِ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ وَالْعُرْفِ يَشْهَدُ لِذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ طَلْحَةَ الْعَاقُولِيِّ، وَعَلَى هَذَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْإِلْيَةِ، وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: الشَّحْمُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي الْجَوْفِ مِنْ شَحْمِ الْكُلَى وَغَيْرِهِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْإِلْيَةِ، أَوِ اللَّحْمِ الْأَبْيَضِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، فَإِنْ أَكَلَ اللَّحْمَ الْأَحْمَرَ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الشَّحْمِ، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَحْنَثُ، لِأَنَّ اللَّحْمَ لَا يَخْلُو مِنْ شَحْمٍ.

١ -

(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا، فَأَكَلَ زُبْدًا، أَوْ سَمْنًا، أَوْ كِشْكًا، أَوْ مَصْلًا، أَوْ جُبْنًا) أَوْ أَقِطًا (لَمْ يَحْنَثْ) نَصَّ عَلَيْهِ، اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْكَافِي، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهَا، لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى لَبَنًا، وَهَذَا إِنْ لَمْ يَظْهَرْ طَعْمُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بَعْدُ، وَعَنْهُ: يَحْنَثُ فِيهَا، وَقَالَ الْقَاضِي: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ فِي الزُّبْدِ إِنْ ظَهَرَ فِيهِ لَبَنٌ، حَنِثَ بِأَكْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ أَكَلَ مِنْ لَبَنِ الْأَنْعَامِ، أَوِ الصَّيْدِ، أَوْ لَبَنِ آدَمِيَّةٍ، حَنِثَ، حَلِيبًا كَانَ، أَوْ رَائِبًا، مَائِعًا، أَوْ جَامِدًا، لِأَنَّ الْجَمِيعَ لَبَنٌ.

(وَإِنْ حَلَفَ عَلَى الزُّبْدِ وَالسَّمْنِ، فَأَكَلَ لَبَنًا لَمْ يَحْنَثْ) ذَكَرَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ، لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى زُبْدًا وَلَا سَمْنًا، وَفِي الْمُغْنِي إِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ الزُّبْدُ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ ظَهَرَ حَنِثَ، لِأَنَّ ظُهُورَهُ كَوُجُودِهِ، وَكَذَا إِنْ حَلَفَ عَلَى الزُّبْدِ، فَأَكَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>