للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

آيَةٍ عَنَتْ عَائِشَةُ بِقَوْلِهَا: فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، قَالَ: وَحَدِيثُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا، وَلَا مَفْعُولًا لَهُمْ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: مَعْلُومٌ أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ لَمْ يُفْرَضْ قَبْلَ الْوُضُوءِ كَمَا أَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنْذُ افْتُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ لَمْ يُصَلِّ إِلَّا بِوُضُوءٍ مِثْلِ وُضُوئِنَا الْيَوْمَ، قَالَ: فَدَلَّ أَنَّ آيَةَ الْوُضُوءِ إِنَّمَا نَزَلَتْ لِيَكُونَ فَرْضُهَا الْمُتَقَدِّمُ مَتْلُوًّا فِي التَّنْزِيلِ، وَفِي قَوْلِهَا: فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، وَلَمْ تَقُلْ آيَةُ الْوُضُوءِ، مَا يُبَيِّنُ أَنَّ الَّذِي طَرَأَ لَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حُكْمُ التَّيَمُّمِ لَا حُكْمُ الْوُضُوءِ (فَمَتَى لَاقَى بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا أَوْ حَمَلَهَا) زَادَ فِي " الْمُحَرَّرِ " أَوْ حَمَلَ مَا يُلَاقِيهَا (لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ) أَقُولُ: مَتَى بَاشَرَهَا بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ لَمْ تَصِحَّ، ذَكَرَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ، وَفِي " التَّلْخِيصِ " أَنَّهُ الْأَظْهَرُ، وَزَادَ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: فِي سُتْرَتِهِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْ ذَاتِهِ إِذَا وَقَعَتْ حَالَ سُجُودِهِ عَلَى نَجَاسَةٍ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ، فَإِنْ كَانَ ثَوْبُهُ يَمَسُّ شَيْئًا نَجِسًا كَثَوْبِ مَنْ يُصَلِّي إِلَى جَانِبِهِ، وَحَائِطٍ لَا يَسْتَنِدُ إِلَيْهِ صَحَّتْ، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْفُرُوعِ " لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعٍ لِصَلَاتِهِ، وَلَا مَحْمُولًا فِيهَا وَاخْتَارَ السَّامِرِيُّ، وَالْمَجْدُ، وَجَمَاعَةٌ: أَنَّهَا تَبْطُلُ، لِأَنَّ سُتْرَتَهُ مُلَاقِيَةٌ لِنَجَاسَةٍ أَشْبَهُ مَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ، فَلَوِ اسْتَنَدَ إِلَيْهَا حَالَ قِيَامِهِ أَوْ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ بَطَلَتْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ قَابَلَهَا حَالَ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ، ذَكَرَهُ فِي " الْكَافِي " و" الْمُسْتَوْعِبِ " وَفِيهِ وَجْهٌ، كَمَا لَوْ بَاشَرَهَا بِبَعْضِ أَعْضَائِهِ، فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ رِجْلَيْهِ لَمْ يُصِبْهَا، وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا كَذَلِكَ، وَذَكَرَ السَّامِرِيُّ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِيهَا الصِّحَّةَ، وَشَرْطُهَا أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا، لِأَنَّ الْمَعْفُوَّ عَنْهُ لَا أَثَرَ لَهُ، وَأَمَّا إِذَا حَمَلَهَا لَمْ تَصِحَّ كَمَا لَوْ كَانَتْ عَلَى بَدَنِهِ فَلَوْ حَمَلَ آجُرَّةً بَاطِنُهَا نَجِسٌ، أَوْ قَارُورَةً مَسْدُودَةَ الرَّأْسِ فِيهَا نَجَاسَةٌ، لَمْ تَصِحَّ، لِأَنَّهُ حَامِلٌ لِنَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا فِي غَيْرِ مَعْدِنِهَا أَشْبَهَ حَملَهَا فِي كُمِّهِ، وَكَذَا حَمْلُ مُسْتَجْمَرٍ، وَالْأَصَحُّ فِيهِ الصِّحَّةُ، وَفِي حَمْلِ بَيْضَةٍ فِيهَا فَرْخٌ مَيِّتٌ وَجْهَانِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا حَمَلَ طَاهِرًا طَائِرًا أَوْ غَيْرَهُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّ النَّجَاسَةَ فِي مَعْدِنِهَا فَهِيَ كَالنَّجَاسَةِ فِي بَدَنِ الْمُصَلِّي.

<<  <  ج: ص:  >  >>