وَيُصَلِّي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ إِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ، وَيَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ، وَيَسْتَعِينُ بِاللَّهِ وَيَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ وَيَدْعُوهُ سِرًّا أَنْ يَعْصِمَهُ مِنَ الزَّلَلِ وَيُوَفِّقَهُ لِلصَّوَابِ وَلِمَا يُرْضِيهِ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ. وَيَجْعَلُ مَجْلِسَهُ فِي مَكَانٍ فَسِيحٍ كَالْجَامِعِ وَالْفَضَاءِ وَالدَّارِ الْوَاسِعَةِ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّ السُّنَّةَ سَلَامُ الْمَارِّ عَلَى الْمَمْرُورِ بِهِ. (ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ فِي مَجْلِسِهِ) لِأَنَّ السُّنَّةَ سَلَامُ الدَّاخِلِ عَلَى أَهْلِ الْمَجْلِسِ. (وَيُصَلِّي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ إِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ» . وَالْأَخِيرُ قَالَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ. وَالْأَفْضَلُ الصَّلَاةُ. (وَيَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ) وَنَحْوِهِ فِي الْأَشْهَرِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي هَيْبَتِهِ وَأَوْقَعُ فِي النُّفُوسِ وَأَعْظَمُ لِحُرْمَةِ الشَّرْعِ. وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يَجْلِسُ عَلَى التُّرَابِ وَلَا عَلَى حَصِيرِ الْمَسْجِدِ. لَكِنْ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَمَا ذُكِرَ مِنْ جُلُوسِهِ عَلَى الْبِسَاطِ دُونَ تُرَابٍ وَحَصِيرٍ لَمْ يُنْقَلْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ خُلَفَائِهِ، وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ أَوْلَى، فَيَكُونُ وَجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءً. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: أَنْفَذَ بِسَاطًا أَوْ لَبَّادًا أَوْ حَصِيرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لِيُفْرَشَ لَهُ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ. وَفِي الْكَافِي: وَيَبْسُطُ تَحْتَهُ شَيْئًا يَجْلِسُ عَلَيْهِ لِيَكُونَ أَوْقَرَ لَهُ. (وَيَسْتَعِينُ بِاللَّهِ وَيَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ وَيَدْعُوهُ سِرًّا أَنْ يَعْصِمَهُ مِنَ الزَّلَلِ وَيُوَفِّقَهُ لِلصَّوَابِ وَلِمَا يُرْضِيهِ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ) لِأَنَّ ذَلِكَ مَطْلُوبٌ مُطْلَقًا، فَفِي وَقْتِ الْحَاجَةِ أَوْلَى، وَالْقَاضِي أَشَدُّ النَّاسِ إِلَيْهِ حَاجَةً. (ويجعل مَجْلِسَهُ فِي مَكَانٍ فَسِيحٍ كَالْجَامِعِ) وَيَصُونُهُ عَمَّا يُكْرَهُ. (وَالْفَضَاءِ وَالدَّارِ الْوَاسِعَةِ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ إِنْ أَمْكَنَ) لِيَكُونَ ذَلِكَ أَوْسَعَ عَلَى الْخُصُومِ وَأَقْرَبَ إِلَى الْعَدْلِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْقَضَاءُ فِي الْجَامِعِ وَالْمَسَاجِدِ، لِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْضُونَ فِي الْمَسْجِدِ. وَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ السُّنَّةُ. وَالْقَضَاءُ فِيهِ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمِ، فَإِنِ اتَّفَقَ لِأَحَدٍ مِنَ الْخُصُومِ مَانِعٌ مِنْ دُخُولِهِ كَحَيْضٍ وَكُفْرٍ، وَكَّلَ وَكِيلًا، أَوْ يَنْتَظِرُ حَتَّى يَخْرُجَ فَيُحَاكِمَ إِلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute