للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْقَضَتْ حُكُومَتُهُ، سَمِعَ دَعْوَى الْآخَرِ، ثُمَّ يَقُولُ لِلْخَصْمِ: مَا تَقُولُ فِيمَا ادَّعَاهُ؛ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَمْلِكُ سُؤَالَهُ حَتَّى يَقُولَ الْمُدَّعِي: اسْأَل سُؤَالَهُ عَنْ ذَلِكَ؛ فَإِنْ أَقَرَّ لَهُ، لَمْ يَحْكُمْ حَتَّى يُطَالِبَهُ الْمُدَّعِي بِالْحُكْمِ. وَإِنْ أَنْكَرَ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي: أَقْرَضْتُهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِدَلِيلِ الْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ. وَقِيلَ: مَنْ شَاءَ الْحَاكِمُ قَدَّمَ مِنْهُمَا. وَاسْتَحْسَنَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنْ يَسْمَعَ مِنْهُمَا جَمِيعًا. وَقِيلَ: يُؤَخِّرُهُمَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ مَنِ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا. (فَإِذَا انْقَضَتْ حُكُومَتُهُ سَمِعَ دَعْوَى الْآخَرِ) لِأَنَّ التَّزَاحُمَ قَدْ زَالَ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَا عَلِيُّ إِذَا جَلَسَ إِلَيْكَ الْخَصْمَانِ فَلَا تَقْضِ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَسْمَعَ مِنَ الْآخَرِ كَمَا سَمِعْتَ مِنَ الْأَوَّلِ، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ تَبَيَّنَ لَكَ الْقَضَاءُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ. قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَلَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْمَعَ شَكِيَّةَ أَحَدٍ إِلَّا وَمَعَهُ خَصْمُهُ، هَكَذَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ثُمَّ يَقُولُ لِلْخَصْمِ: مَا تَقَوُلُ فِيمَا ادَّعَاهُ؟) قَدَّمَهُ وَصَحَّحَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ; لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يَقْتَضِي ذَلِكَ. (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَمْلِكَ سُؤَالَهُ حَتَّى يَقُولَ الْمُدَّعِي: اسْأَل سُؤَالَهُ عَنْ ذَلِكَ؟) هَذَا وَجْهٌ كَالْحُلْمِ. (فَإِنْ أَقَرَّ لَهُ) سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ السُّؤَالِ أَوْ بَعْدَهُ لَزِمَهُ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ وَلَكِنْ (لَمْ يَحْكُمْ له حَتَّى يُطَالِبَهُ الْمُدَّعِي بِالْحُكْمِ) ذَكَرَهُ السَّامَرِيُّ وَالْمَجْدُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ، لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَيْهِ حَقٌّ لَهُ، فَلَا يَسْتَوْفِيهِ إِلَّا بِمَسْأَلَةٍ مُسْتَحَقَّةٍ. وَاخْتَارَ جَمْعٌ: لَهُ الْحُكْمُ قَبْلَ مَسْأَلَةِ الْمُدَّعِي. وَهُوَ الظَّاهِرُ ; لِأَنَّ الْحَالَ يَدُلُّ عَلَى إِرَادَتِهِ، فَاكْتَفَى بِهَا كَمَا اكْتَفَى فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، الْجَوَابُ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَا يَعْرِفُ مُطَالَبَةَ الْحَاكِمِ بِذَلِكَ، فَيَتْرُكُ مُطَالَبَتَهُ لِجَهْلِهِ فَيَضِيعُ حَقُّهُ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ خُلَفَائِهِ، فَاشْتِرَاطُهُ يُنَافِي ظَاهِرَ حَالِهِمْ.

وَفِي التَّرْغِيبِ: إِذَا أَقَرَّ فَقَدْ ثَبَتَ، وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى قَوْلِهِ: قَضَيْتُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ بِخِلَافِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ ; لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِاجْتِهَادِهِ.

فَرْعٌ: إِذَا قَالَ الْحَاكِمُ: يَسْتَحِقُّ عَلَيْكَ كَذَا. فَقَالَ: نَعَمْ. لَزِمَهُ، ذِكْرُهُ فِي الْوَاضِحِ. (وَإِنْ أَنْكَرَ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي: أَقْرَضْتُهُ أَلْفًا، أَوْ بِعْتُهُ. فَيَقُولَ: مَا أَقْرَضَنِي، وَلَا بَاعَنِي، أَوْ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ مَا ادَّعَاهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ، أَوْ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ. صَحَّ الجواب) لِنَفْيِهِ عَيْنَ مَا ادَّعَى

<<  <  ج: ص:  >  >>