الْحَاكِمُ. وَحَكَمَ بِهَا إِذَا سَأَلَهُ الْمُدَّعِي، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ فِي مَجْلِسِهِ إِذَا سَمِعَهُ مَعَهُ شَاهِدَانِ. فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ مَعَهُ أَحَدٌ، أَوْ سَمِعَهُ مَعَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ: يَقُولُ لَهُ: أَحْضِرْهَا إِنْ شِئْتَ. وَفِي الْمُغْنِي: أَنَّ الْمُدَّعِيَ إِذَا قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ. لَمْ يَقُلْ لَهُ الْحَاكِمُ: أَحْضِرْهَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَهُ، فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَرَى.
قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: فَيُحْمَلُ أَمْرُهُ بِالْإِحْضَارِ عَلَى الْإِذْنِ فِيهِ ; لِأَنَّ حَمْلَ الْأَمْرِ عَلَى حَقِيقَتِهِ يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي. (فَإِذَا أَحْضَرَهَا) لَمْ يَسْأَلْهَا الْحَاكِمُ حَتَّى يَسْأَلَهُ الْمُدَّعِي ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ. فَإِذَا سَأَلَهُ الْمُدَّعِي سُؤَالَهَا لَمْ يَقُلِ اشْهَدَا، وَلَا يُلَقِّنْهُمَا. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَا يَنْبَغِي. وَفِي الْمُوجَزِ: يُكْرَهُ كَتَعَنُّتِهِمَا. (سَمِعَهَا الْحَاكِمُ) لِأَنَّ الْإِحْضَارَ مِنْ أَجْلِ السَّمَاعِ. فَيَقُولُ الْحَاكِمُ: مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ فَلْيَذْكُرْ مَا عِنْدَهُ. فَإِذَا شَهِدَا وَاتَّضَحَ الْحَقُّ لَزِمَهُ، وَلَمْ يَجُزْ تَرْدِيدُهَا. وَفِي الرِّعَايَةِ: إِنْ ظَنَّ الصُّلْحَ أَخَّرَهُ.
وَفِي الْفُصُولِ: أَحْبَبْنَا لَهُ أَمْرَهُمَا بِالصُّلْحِ، أَيْ: إِذَا كَانَ فِيهَا لَبْسٌ. فَإِنْ أَبِيَا أَخَّرَهُمَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْجَهْلِ حَرَامٌ. فَإِنْ عَجَّلَ قَبْلَ الْبَيَانِ لَمْ يَصِحَّ حُكْمُهُ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إِنَّمَا يَسَعُهُ الصُّلْحُ فِي الْأُمُورِ الْمُشْكِلَةِ، أَمَّا إِذَا اسْتَنَارَتِ الْحُجَّةُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ إنَّهُ مَا أَصْلَحَ بَيْنَ الْمُتَحَاكِمَيْنِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: رُدُّوا الْخُصُومَ حَتَّى يَصْطَلِحَا، فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُحْدِثُ بَيْنَ الْقَوْمِ الضَّغَائِنَ. (وَحَكَمَ بِهَا إِذَا سَأَلَهُ الْمُدَّعِي) بِأَنْ كَانَتِ الشَّهَادَةُ صَحِيحَةً. وَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: يَقُولُ الْحَاكِمُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ شَهِدَا عَلَيْكَ، فَإِنْ كَانَ لَكَ قَادِحٌ، فَبَيِّنْهُ عِنْدِي.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: يَعْنِي يُسْتَحَبُّ. وَذَكَرَهُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ فِيمَا إِذَا ارْتَابَ فِيهِمَا، فَدَلَّ أَنَّ لَهُ الْحُكْمَ مَعَ الرِّيبَةِ. وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مَا يَقْدَحُ فِيهَا حَكَمَ عَلَيْهِ إِذَا سَأَلَهُ الْمُدَّعِي الْحُكْمَ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ فَلَا يَسْتَوْفِيهِ إِلَّا بِمَسْأَلَة مُسْتَحَقّه. (وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ فِي مَجْلِسِهِ إِذَا سَمِعَهُ مَعَهُ شَاهِدَانِ) لِأَنَّ التُّهْمَةَ الْمَوْجُودَةَ فِي الْحُكْمِ بِالْعِلْمِ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute