وَالْغَصْبِ وَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالصُّلْحِ وَالْوَصِيَّةِ لَهُ، وَالْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ وَلَا يُقْبَلُ فِي حَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى. وَهَلْ يُقْبَلُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، كالْقِصَاصِ، وَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْخُلْعِ، وَالْعِتْقِ، وَالنَّسَبِ، وَالْكِتَابَةِ، وَالتَّوْكِيلِ، وَالْوَصِيَّةِ إِلَيْهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
فَأَمَّا حَدُّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَكُتُبُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَالنَّجَاشِيِّ وَمُلُوكِ الْأَطْرَافِ، وَكَانَ يَكْتُبُ إِلَى عُمَّالِهِ وَسُعَاتِهِ، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إِلَى قَبُولِهِ. فَإِنَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهِ لَا يُمْكِنُهُ إِتْيَانُهُ وَلَا مُطَالَبَتُهُ إِلَّا بِكِتَابِ الْقَاضِي، وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ قَبُولِهِ.
(يُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي فِي الْمَالِ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ، كَالْقَرْضِ، وَالْغَصْبِ، وَالْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالصُّلْحِ، وَالْوَصِيَّةِ لَهُ، وَالْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. لِأَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ. (وَلَا يُقْبَلُ فِي حَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى) جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ ; لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى السَّتْرِ، وَالدَّرْءِ بِالشُّبُهَاتِ، وَالْإِسْقَاطِ بِالرُّجُوعِ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ فِي الرِّعَايَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَبُو ثَوْرٍ. (وَهَلْ يُقْبَلُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، كالْقِصَاصِ، وَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْخُلْعِ، وَالْعِتْقِ، وَالنَّسَبِ، وَالْكِتَابَةِ، وَالتَّوْكِيلِ، وَالْوَصِيَّةِ إِلَيْهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) :
إِحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ; لِأَنَّهُ لَا يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ. وَالثَّانِيَةُ: لَا، كَقَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ حَامِدٍ ; لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلا بِشَاهِدَيْنِ كَحَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى -. وَعَنْهُ: يُقْبَلُ إِلَّا فِي الدِّمَاءِ وَالْحُدُودِ.
وَفِي الشَّرْحِ: أَنَّ الْمَذْهَبَ: لَا يُقْبَلُ فِي الْقِصَاصِ كَالْحَدِّ. وَقِيلَ: يُقْبَلُ فِيمَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْفَرْعِ، وَمَا لَا فَلَا، ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي ; لِأَنَّ الْكِتَابَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي، فَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ. (فَأَمَّا حَدُّ الْقَذْفِ، فَإِنْ قُلْنَا: هُوَ لِلَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute