حُكْمُ الْمَجْزَرَةِ وَالْمَزْبَلَةِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَأَسْطِحَتِهَا كَذَلِكَ، وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ إِلَيْهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَخْتَصُّ بِبُقْعَتِهِ، وَفِي طَرِيقِ ضَرُورَةٍ وَحَافَّتَيْهَا، نُصَّ عَلَيْهَا، وَعَلَى رَاحِلَةٍ فِيهَا، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ، وَطَرِيقِ أَبْيَاتٍ يَسِيرَةٍ، وَكَذَا عِيدٌ وَجِنَازَةٌ، جَزَمَ بِهِ فِي " الشَّرْحِ " وَقِيلَ: وَكُسُوفٌ، وَاسْتِسْقَاءٌ (وَعَنْهُ: تَصِحُّ) فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيَّمَا رَجُلٌ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ مَوْضِعٌ طَاهِرٌ، فَصَحَّتِ الصَّلَاةُ فِيهِ كَالصَّحْرَاءِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمْ أَمَرُوا بِإِعَادَتِهَا، وَلِأَنَّ النَّهْيَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ صَلَّى، وَفِي يَدِهِ خَاتَمُ ذَهَبٍ (مَعَ التَّحْرِيمِ) لِلنَّهْيِ، وَعَنْهُ: مَعَ الْكَرَاهَةِ وِفَاقًا، وَعَنْهُ: لَا تَصِحُّ إِنْ عُلِمَ النَّهْيُ لِخَفَاءِ دَلِيلِهِ، وَقِيلَ: إِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ صَحَّتْ.
١ -
(وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: حُكْمُ الْمَجْزَرَةِ) وَهِيَ مَا أُعِدَّ لِلذَّبْحِ (وَالْمَزْبَلَةِ) أَيْ: مَرْمَى الزُّبَالَةِ، وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرَةً (وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ) أَيْ: الَّتِي تَقْرَعُهَا الْأَقْدَامُ مِثْلِ الْأَسْوَاقِ وَالشَّوَارِعِ، دُونَ مَا عَلَا عَنْ جَادَّةِ الْمَارَّةِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً، نُصَّ عَلَيْهِ، وَأَلْحَقَ صَاحِبُ " الرَّوْضَةِ " بِذَلِكَ الْمَدْبَغَةَ، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ (وَأَسْطِحَتُهَا كَذَلِكَ) أَيْ: لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا فِي اخْتِيَارِ الْأَكْثَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَفِي " الْفُرُوعِ " وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَغَيْرِهِ، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يُصَلَّى فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ: الْمَزْبَلَةُ، وَالْمَجْزَرَةُ، وَالْمَقْبَرَةُ، وَقَارِعَةُ الطَّرِيقِ، وَفِي الْحَمَّامِ، وَفِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ، وَفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ، وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الصَّلَاةَ تَصِحُّ فِيهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيُّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهَا، وَلِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَاسْتَثْنَى فِي بَعْضِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute