للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِسْمَةُ كُلِّ عَيْنٍ مُفْرَدَةٍ، وَالْأَرْضِ الَّتِي فِي بَعْضِهَا بِئْرٌ أَوْ بِنَاءٌ، وَنَحْوُهُ. مِمَّا لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ بِالْأَجْزَاءِ وَالتَّعْدِيلِ إِذَا رَضُوا بِقِسْمَتِهَا أَعْيَانًا بِالْقِيمَةِ جَازَ. وَهَذِهِ جَارِيَةٌ مَجْرَى الْبَيْعِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا الْمُمْتَنِعُ، وَلَا يَجُوزُ فِيهَا إِلَّا مَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ.

وَالضَّرَرُ الْمَانِعُ مِنَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مُنْفَرِدَةً، وَالْأَرْضِ الَّتِي فِي بَعْضِهَا بِئْرٌ أَوْ بِنَاءٌ، وَنَحْوُهُ. لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ بِالْأَجْزَاءِ) لِأَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ قِسْمَتُهُ بِالْأَجْزَاءِ مِثْلَ: أَنْ تَكُونَ الْبِئْرُ وَاسِعَةً، يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ نِصْفَهَا لِوَاحِدٍ وَنِصْفَهَا لِلْآخَرِ، وَيَجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَاجِزًا فِي أَعْلَاهَا. أَوِ الْبِنَاءُ كَبِيرًا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ. (وَالتَّعْدِيلِ) مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِ جَانِبَيِ الْأَرْضِ بِئْرٌ يُسَاوِي مِائَةً، وَفِي الْآخَرِ مِنْهَا بِنَاءٌ يُسَاوِي مِائَةً، تَكُونُ الْقِسْمَةُ قِسْمَةَ إِجْبَارٍ لَا قِسْمَةَ تَرَاضٍ ; لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ الْبِئْرُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مَعَ نِصْفِ الْأَرْضِ، وَالْبِنَاءُ لِلْآخَرِ مَعَ نِصْفِ الْأَرْضِ. (إِذَا رَضُوا بِقِسْمَتِهَا أَعْيَانًا بِالْقِيمَةِ جَازَ) فَأَجَازَ ; لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، وَإِنْ طَلَبَا مِنَ الْحَاكِمِ أَنْ يُقَسِّمَهُ بَيْنَهُمَا أَجَابَهُمَا إِلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ أَنَّهُ مِلْكُهُمَا ; لِأَنَّ الْيَدَ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ وَلَا مُنَازِعَ لَهُمْ، فَثَبَتَ لَهُ مِنْ طَرِيقِ الظَّاهِرِ. وَلِهَذَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ مِنَ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ كَالِاتِّهَابِ. (وَهَذِهِ) الْقِسْمَةُ. (جَارِيَةٌ مَجْرَى الْبَيْعِ) لِمَا فِيهَا مِنَ الرَّدِّ، وَبِهَذَا تَصِيرُ بَيْعًا ; لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ بَذَلَ الْمَالَ عِوَضًا عَمَّا حَصَلَ فِي حَقِّ شَرِيكِهِ، وَهَذَا هُوَ الْبَيْعُ. (لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا الْمُمْتَنِعُ، وَلَا يَجُوزُ فِيهَا إِلَّا مَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، قَالَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيُّ.

وَلَهُمَا أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ.» رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا. قَالَ النَّوَوِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَلَهُ طُرُقٌ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا. وَلِأَنَّهُ إِتْلَافٌ وَسَفَهٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ الْحَجْرَ، أَشْبَهَ هَدْمَ الْبِنَاءِ، وَلِأَنَّ فِيهَا إِمَّا ضَرَرٌ وَإِمَّا رَدُّ عِوَضٍ، وَكِلَاهُمَا لَا يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَيْهِ. لَكِنْ إِذَا دَعَا شَرِيكَهُ إِلَى بَيْعٍ فِي قِسْمَةِ تَرَاضٍ أُجْبِرَ، فَإِنْ أَبَى بِيعَ عَلَيْهِمَا، وَقُسِّمَ الثَّمَنُ. نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَحَنْبَلٌ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَذَكَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ وَالْفُصُولِ وَالْإِفْصَاحِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهَا، وَكَذَا الْإِجَارَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>