للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْلَمُهُ بِرُؤْيَةٍ أَوْ سَمَاعٍ.

وَالرُّؤْيَةُ تَخْتَصُّ بِأَفْعَالِ؛ كَالْقَتْلِ، وَالْغَصْبِ، وَالسَّرِقَةِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَالرَّضَاعِ، وَالْوِلَادَةِ، وَغَيْرِهَا، وَالسَّمَاعُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: سَمَاعٌ مِنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، نَحْوَ الْإِقْرَارِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَالْقَتْلِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالرَّضَاعِ وَالْوِلَادَةِ وَغَيْرِهَا) كَالْعُيُوبِ الْمَرْئِيَّةِ فِي الْمَبِيعِ وَنَحْوِهَا، (وَالسَّمَاعُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: سَمَاعٌ مِنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، نَحْوَ الْإِقْرَارِ وَالْعُقُودِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ) وَحُكْمِ الْحَاكِمِ، فَلَا يَجُوزُ التَّحَمُّلُ فِيهَا إِلَّا بِسَمَاعِ الْقَوْلِ وَمَعْرِفَةِ الْقَائِلِ يَقِينًا، ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي.

وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مَنْ سَمِعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْهُ بِهِ لِاخْتِفَائِهِ، أَوْ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ، وَإِنْ حَصَلَ الْعِلْمُ بِدُونِهِ كَمَعْرِفَةِ صَوْتِ الْقَائِلِ كَفَى؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ رَآهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمْعٍ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ حَتَّى يُشَاهِدَ الْقَائِلُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْوَاتَ تُشْتَبَهُ، وَأُجِيبَ: بِأَنَّ جَوَازَ الِاشْتِبَاهِ فِي الْأَصْوَاتِ كَجَوَازِ اشْتِبَاهِ الصُّوَرِ.

وَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُهُ فَيُخَيَّرُ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ فِي إِقْرَارٍ وَحُكْمٍ، وَعَنْهُ: وَغَيْرُهُمَا حَتَّى يَشْهَدَهُ.

وَعَنْهُ: إِنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ سَابِقٍ نَحْوَ: كَانَ لَهُ، فَحَتَّى يَشْهَدَهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّ الْحَاكِمَ إِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَهِدَ، سَوَاءٌ وَقْتَ الْحُكْمِ أَوْ لَا.

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَا: إِذَا كَانَ بَعْدَهُ، فَيَقُولَانِ: أَخْبِرْنَا أَنَّهُ حُكْمٌ، وَلَا يَقُولَانِ: أَشْهِدْنَا. وَعَلَى الْأُولَى إِذَا قَالَ الْمُتَحَاسِبَانِ: لَا تَشْهَدُوا عَلَيْنَا بِمَا جَرَى بَيْنَنَا، لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الشَّهَادَةَ، وَلَزِمَ إِقَامَتُهَا عَلَى الْأَشْهَرِ.

تَنْبِيهٌ: إِذَا عَرَفَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِاسْمِهِ وَعَيْنِهِ وَنَسَبِهِ، جَازَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ، وَفِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَعَرَفَهُ بِهِ مَنْ يَسْكُنُ إِلَيْهِ، جَازَ أَنْ يَشْهَدَ فِي الْأَصَحِّ، وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ مُهَنَّا الِاكْتِفَاءُ بِمَعْرِفَةِ الِاسْمِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا حَصَلَ بِهِ التَّمْيِيزُ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى مَعْرِفَةِ النَّسَبِ، وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ.

قَالَ أَحْمَدُ: إِلَّا لِمَنْ تُعْرَفُ، وَعَلَى مَنْ تُعْرَفُ، وَقَالَ: لَا تَشْهَدُ عَلَى امْرَأَةٍ حَتَّى تَنْظُرَ إِلَى وَجْهِهَا، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ مَعْرِفَتَهَا، وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى الْمَنْعِ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهُ بِتَعْرِيفِ غَيْرِهِ.

قَالَ الْقَاضِي: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِتَجْوِيزِهِ الشَّهَادَةَ بِالِاسْتِفَاضَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>