وَالْوِلَايَةِ، وَالْعَزْلِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
وَلَا تُقْبَلُ الِاسْتِفَاضَةُ إِلَّا مِنْ عَدَدٍ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ وَقَالَ الْقَاضِي: تُسْمَعُ مِنْ عَدْلَيْنِ فَصَاعِدًا، وَإِنْ سَمِعَ إِنْسَانًا يُقِرُّ بِنَسَبِ أَبٍ أَوِ ابْنٍ فَصَدَّقَهُ الْمُقِرُّ لَهُ، جَازَ أَنْ يَشْهَدَ له بِهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يَشْهَدْ، وَإِنْ سَكَتَ جَازَ أَنْ يَشْهَدَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَشْهَدَ حَتَّى يَتَكَرَّرَ، وَإِنْ رَأَى شَيْئًا فِي يَدِ إِنْسَانٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ؛ مِنَ النَّقْضِ وَالْبِنَاءِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَدَدٍ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ) قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِفَاضَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ فَيْضِ الْمَاءِ لِكَثْرَتِهِ، وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي كَثْرَةَ الْقَائِلِ بِهِ، (وَقَالَ الْقَاضِي: تُسَمَعُ مِنْ عَدْلَيْنِ فَصَاعِدًا) يَسْكُنُ قَلْبُهُ إِلَى خَبَرِهِمَا؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِهَا حَقٌّ مِنَ الْحُقُوقِ، فَوَجَبَ أَنْ يُسْمَعَ مِنْهُمَا كَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَ الْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ وَحَفِيدُهُ أَوْ وَاحِدٌ تَسْكُنُ إِلَيْهِ نَفْسُهُ.
وَالْأَوَّلُ: الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ لَوِ اكْتَفَى بِاثْنَيْنِ لَاشْتَرَطَ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَإِنَّمَا اكْتَفَى فِيهَا بِمُجَرَّدِ السَّمَاعِ، وَالثَّالِثُ بَعِيدٌ عَنْ مَعْنَاهَا، وَيَلْزَمُ الْحُكْمُ بِشَهَادَةٍ لَمْ يَعْلَمْ تَلَقِّيَهَا مِنَ الِاسْتِفَاضَةِ، وَمَنْ قَالَ: شَهِدْتُ بِهَا، فَفَرَّعَ، وَفِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ: الشَّهَادَةُ بِهَا خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ، وَأَنَّهَا تَحْصُلُ بِالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ، (وَإِنْ سَمِعَ إِنْسَانًا يُقِرُّ بِنَسَبِ أَبٍ أَوِ ابْنٍ فَصَدَّقَهُ الْمُقِرُّ لَهُ، جَازَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِهِ) لِتُوَافِقَ الْمُقِرَّ وَالْمُقَرَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، (وَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يَشْهَدْ) لِتَكْذِيبِهِ إِيَّاهُ (وَإِنْ سَكَتَ جَازَ أَنْ يَشْهَدَ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ فِي النَّسَبِ إِقْرَارٌ بِهِ، بِدَلِيلِ مَنْ بُشِّرَ بِوَلَدٍ فَسَكَتَ، كَانَ مُقِرًّا بِهِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوَى، وَلِأَنَّ النَّسَبَ يَغْلِبُ فِيهِ الْإِثْبَاتُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْإِمْكَانِ فِي النِّكَاحِ، (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَشْهَدَ حَتَّى يَتَكَرَّرَ) ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَهُوَ وَجْهٌ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ مُحْتَمَلٌ، فَاعْتُبِرَ لَهُ التَّكْرَارُ لِيَزُولَ الِاحْتِمَالُ، (وَإِنْ رَأَى شَيْئًا فِي يَدِ إِنْسَانٍ) مُدَّةً طَوِيلَةً، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَالْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ الْقَصِيرَةَ، وَصَرَّحُوا بِهِ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ (يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ؛ مِنَ النَّقْضِ وَالْبِنَاءِ، وَالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ، وَنَحْوِهَا، جَازَ أَنْ يَشْهَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute