. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَحَاصِلُهُ: إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ شَهَادَةَ مَنْ ذُكِرَ لَا تُقْبَلُ لِعَدَمِ الْمُرُوءَةِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمُتَّصِفَ بِخَصْلَةٍ مِمَّا ذُكِرَ يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ فِيمَا اتَّصَفَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ مُحَرَّمًا كَانَ الْمَانِعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ كَوْنَهُ فَاعِلًا لِلْمُحَرَّمِ، لَا يُقَالُ: فِعْلُ الْمُحَرَّمِ مَرَّةً لَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فَيَمَنْ هُوَ مُتَّصِفٌ بِذَلِكَ مُسْتَمِرٌّ عَلَيْهِ مَشْهُورٌ بِهِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهِ، وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَى الصَّغِيرَةِ كَالْكَبِيرَةِ فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ كَانَ مَا اتَّصَفَ بِهِ غَيْرَ مُحَرَّمٍ، كَانَ الْمَانِعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ كَوْنَهُ فِعْلَ دَنَاءَةٍ وَسَفَهًا، وَذَلِكَ مِنْ فَقْدِ الْمُرُوءَةِ.
فَقَوْلُهُ: (لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُصَافِعِ) إِلَى آخِرِهِ، فَفِعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا دَنَاءَةٌ وَسَفَهٌ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ؛ لِأَنَّهَا مِنَ الشَّرْعِ وَلَمْ يُرَدَّ، وَيَلْتَحِقُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ حِكَايَةُ مَا يُضْحِكُ بِهِ النَّاسَ، وَنَارْنَجِيَّاتُ وَتَعْرِيَتُهُ وَبَوْلُهُ فِي شَارِعٍ، وَكَشْفُ رَأْسِهِ أَوْ بَطْنِهِ أَوْ صَدْرِهِ أَوْ ظَهْرِهِ فِي مَوْضِعٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِكَشْفِهِ فِيهِ، وَتَحْرِيشُ الْبَهَائِمِ وَالْجَوَارِحِ لِلصَّيْدِ، وَدَوَامُ اللَّعِبِ وَالْمُعَالَجَةُ بِشَيْلِ الْأَحْجَارِ وَالْخَشَبِ الثِّقَالِ، وَمَا عَدَّهُ النَّاسُ سَفَهًا كَمُتَزَيٍّ بِزِيٍّ يُسْخَرُ مِنْهُ.
تَنْبِيهٌ: يُكْرَهُ غِنَاءٌ، قَالَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي لِحَدِيثِ عَائِشَةَ: وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ. الْخَبَرَ.
وَقَالَ عُمَرُ: الْغِنَاءُ زَادُ الرَّاكِبِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي: هُوَ حَرَامٌ.
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: ٣٠] .
قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: هُوَ الْغِنَاءُ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: ٦] : هُوَ الْغِنَاءُ.
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: «أَنَّهُ نَهَى عَنْ شِرَاءِ الْمُغَنِّيَاتِ وَبَيْعِهِنَّ وَالتِّجَارَةِ فِيهِنَّ وَأَكْلِ أَثْمَانِهِنَّ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
فَعَلَى هَذَا: تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِفِعْلِهِ الْمُحَرَّمَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فِعْلُهُ دَنَاءَةٌ وَسَفَهٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: يَبِيعُ الْوَصِيُّ جَارِيَةَ الطِّفْلِ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُغَنِّيَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute