للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَابَ الْفَاسِقُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، وَلَا يُعْتَبَرُ إِصْلَاحُ الْعَمَلِ، وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ فِي التَّائِبِ إِصْلَاحُ الْعَمَلِ سَنَةً، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ قَاذِفٍ؛ وَتَوْبَتُهُ أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ، وَقِيلَ:

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يُشْتَرَطُ الْإِقْرَارُ بِهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّ الْإِقْرَارَ بِهِ أَوْلَى إِذَا كَانَ مَعْصِيَةً مَشْهُورَةً، وَشَرْطُهَا نَدَمٌ وَإِقْلَاعٌ وَعَزْمٌ عَلَى أَلَّا يَعُودَ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ تَعَالَى، فَإِنْ تَابَ مِنْ حَقِّ آدَمِيٍّ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ حَتَّى يُبَرِّئَهُ مِنْهُ، أَوْ يُؤَخِّرَهُ بِرِضَاهُ، أَوْ يَنْوِيَ رَدَّهُ إِذَا قَدَرَ، وَقِيلَ: يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، وَيُعَوِّضُ اللَّهُ الْمَظْلُومَ بِمَا شَاءَ، فَتُقْبَلُ إِذَنْ، وَإِنْ كَانَ مَنْ حَقٍّ لِلَّهِ كَزَكَاةٍ وَصَلَاةٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ سَرِيعًا بِحَسَبِ طَاقَتِهِ، وَيُعْتَبَرُ رَدَّ مَظْلَمَةٍ أَوْ يَسْتَحِلُّهُ أَوْ يَسْتَمْهِلُهُ مُعْسِرٌ (وَلَا يُعْتَبَرُ إِصْلَاحُ الْعَمَلِ) نَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» وَلِأَنَّ شَهَادَةَ الْكَافِرِ تُقْبَلُ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ، فَلَأَنْ تُقْبَلَ شَهَادَةُ الْفَاسِقِ بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

وَلِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَبِي ذَرٍّ: تُبْ أَقْبَلْ شَهَادَتَكَ وَلِحُصُولِ الْمَغْفِرَةِ بِهَا (وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ فِي التَّائِبِ إِصْلَاحُ الْعَمَلِ سَنَةً) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} [النور: ٥] ، فَنَهَى عَنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ ثُمَّ اسْتَثْنَى التَّائِبَ الْمُصْلِحَ، وَلِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا أَمَرَ بِضَرْبِ ضُبَيْعٍ وَأَمَرَ بِهِجْرَانِهِ حَتَّى بَلَغَهُ تَوْبَتُهُ، فَأَمَرَ أَنْ لَا يُكَلَّمَ إِلَّا بَعْدَ سَنَةٍ، وَقِيلَ: إِنْ فُسِّقَ بِفِعْلٍ، وَإِلَّا لَمْ يُعْتَبَرْ، ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةً.

وَعَنْهُ: فِي مُبْتَدَعٍ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْحُلْوَانِيُّ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ مُضِيُّ مُدَّةٍ يَعْلَمُ حَالَهُ فِيهَا، وَعَنْهُ: وَمُجَانَبَةُ قَرِينَةٍ فِيهِ.

وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَامِدٍ: أَنَّهُ يَجِيءُ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا وُجُودُ أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ لِظَاهِرِ الْآيَةِ: {إِلا مَنْ تَابَ} [مريم: ٦٠] .

فَرْعٌ: إِذَا عَلَّقَ تَوْبَتَهُ بِشَرْطٍ، فَإِنَّهُ غَيْرُ تَائِبٍ حَالًا، وَلَا عِنْدَ وُجُودِهِ (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ قَاذِفٍ) أَيْ: تَسْقُطُ شَهَادَتُهُ بِالْقَذْفِ إِذَا لَمْ يُحَقِّقْهُ لِلْآيَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَاذِفِ الْمَرْدُودِ الشَّهَادَةِ: وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>