لِمَوْرُوثِهِ بِالْجُرْحِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، وَالْوَصِيِّ لِلْمَيِّتِ، وَالْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ بِمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ، وَالشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ، وَالْغُرَمَاءِ لِلْمُفْلِسِ بِالْمَالِ، وَأَحَدِ الشَّفِيعَيْنِ بِعَفْوِ الْآخَرِ عَنْ شُفْعَتِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَلِهَذَا جَازَ شَهَادَةُ الْوَارِثِ لِمَوْرُوثِهِ، مَعَ أَنَّهُ إِذَا مَاتَ وَرِثَهُ، وَشَهَادَتُهُ لِامْرَأَةٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَشَهَادَتُهُ لِغَرِيمٍ لَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُوَفِّيَهُ مِنْهُ، أَوْ يُفْلِسَ فَيَتَعَلَّقَ حَقُّهُ بِهِ، وَمُنِعَتِ الشَّهَادَةُ لِمَوْرُوثِهِ بِالْجُرْحِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَفْضَى إِلَى الْمَوْتِ بِهِ، فَتَجِبُ الدِّيَةُ لِلْوَارِثِ الشَّاهِدِ ابْتِدَاءً فَيَكُونُ شَاهِدًا لِنَفْسِهِ، مُوجِبًا لَهُ بِهِ حَقًّا ابْتِدَاءً، وَهَذَا بِخِلَافِ الشَّاهِدِ لِمَوْرُوثِهِ الْمَرِيضِ بِحَقٍّ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَجِبُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ، ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يَنْتَقِلَ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ، فَلَمْ يُمْنَعِ الشَّهَادَةُ لَهُ كَالشَّهَادَةِ لِلْغَرِيمِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ أَجَزْتُمْ شَهَادَةَ الْغَرِيمِ لِغَرِيمِهِ بِالْجُرْحِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، كَمَا أَجَزْتُمْ شَهَادَتَهُ لَهُ بِمَالٍ.
قُلْنَا: إِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَا تَجِبُ لِلشَّاهِدِ ابْتِدَاءً، إِنَّمَا تَجِبُ لِلْقَتِيلِ وَالْوَرَثَةِ ثُمَّ يَسْتَوْفِي الْغَرِيمُ مِنْهَا، فَأَشْبَهَتِ الشَّهَادَةَ لَهُ بِمَالٍ، ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ (وَالْوَصِيِّ لِلْمَيِّتِ) لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ فِيهِ حَقُّ التَّصَرُّفِ، فَهُوَ مُتَّهَمٌ فِيهَا، وَأَجَازَ شُرَيْحٌ وَأَبُو ثَوْرٍ شَهَادَتَهُ لِلْمُوصَى عَلَيْهِمْ إِذَا كَانَ الْخَصْمُ غَيْرَهُ، لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُمْ، فَقُبِلَتْ كَمَا بَعْدَ زَوَالِ الْوَصِيَّةِ، (وَالْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ بِمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ) وَعَبَّرَ السَّامَرِّيُّ عَنْهُ بِالْقَانِعِ، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِالْوَكِيلِ، وَتُرَدُّ مِنْ وَصِيٍّ وَوَكِيلٍ وَلَوْ بَعْدَ الْعَزْلِ. وَقِيلَ: وَكَانَ خَاصَمَ فِيهِ، وَجَزَمَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ: أَنَّهَا تقبل بَعْدَ عَزْلِهِ، لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إِنْ خَاصَمَ فِي خُصُومَةٍ مَرَّةً، ثُمَّ نَزَعَ، ثُمَّ شَهِدَ لَمْ تُقْبَلْ، وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ، وَيَتِيمٌ فِي حِجْرِهِ، (وَالشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ) بِمَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا لِاتِّهَامِهِ، وَكَذَا الْمُضَارِبُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ (وَالْغُرَمَاءِ لِلْمُفْلِسِ) الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (بِمَالٍ) سَوَاءٌ كَانَ الْمُفْلِسُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا؛ لِأَنَّ حُقُوقَهُمْ تَتَعَلَّقُ بِهِ، وَأَمَّا قَبْلَ الْحَجْرِ فَتُقْبَلُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: لَا تُقْبَلُ قَبْلَ الْحَجْرِ مَعَ إِعْسَارِهِ، (وَأَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ بِعَفْوِ الْآخَرِ عَنْ شُفْعَتِهِ) لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ، فَإِنْ شَهِدَ بَعْدَ إِسْقَاطِ شُفْعَتِهِ قُبِلَتْ؛ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ.
مَسَائِلُ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَجِيرٍ لِمَنِ اسْتَأْجَرَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ فِيهِ، وَذَكَرَ الْخَلَّالُ فِي جَامِعِهِ: أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ ـ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ ـ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute