شَهِدَ كَافِرٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ، ثُمَّ أَعَادُوهَا بَعْدَ زَوَالِ الْكُفْرِ وَالرِّقِّ وَالصِّبَا قُبِلَتْ، وَإِنْ شَهِدَ لِمُكَاتَبِهِ أَوْ لِمَوْرُوثِهِ بالِجرْح قَبْلَ بُرْئِهِ، فَرُدَّتْ، ثُمَّ أَعَادُوهَا بَعْدَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ وَبُرْءِ الْجريح، فَفِي رَدِّهَا وَجْهَانِ، وَإِنْ شَهِدَ الشفيع بِعَفْوِ شَرِيكِهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِذَا شَهِدَ بَعْدَ الْعِتْقِ (وَلَوْ شَهِدَ كَافِرٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ، ثُمَّ أَعَادُوهَا بَعْدَ زَوَالِ الْكُفْرِ وَالرِّقِّ وَالصِّبَا) ، وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ: بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ وَهِيَ أَوْلَى، (قُبِلَتْ) جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ؛ لِأَنَّ رَدَّ الشَّهَادَةِ فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ لَا غَضَاضَةَ فِيهَا، فَلَا تَقَعُ تُهْمَةٌ فِي الْإِعَادَةِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَلِأَنَّ الْبُلُوغَ وَالْحُرِّيَّةَ لَيْسَا مِنْ فِعْلِهِ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ بِخِلَافِ الْفِسْقِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا تُقْبَلُ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى كَالْفَاسِقِ، وَلِأَنَّ شَهَادَةَ الْعَبْدِ مُجْتَهِدٌ فِيهَا، فَإِذَا رُدَّتْ لَمْ تُقْبَلْ كَالْفَاسِقِ.
وَكَذَا إِذَا رُدَّتْ لِجُنُونٍ أَوْ خَرَسٍ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ عَلَى الْأَصَحِّ (وَإِنْ شَهِدَ لِمُكَاتَبِهِ أَوْ لِمَوْرُوثِهِ بِالْجُرْحِ قَبْلَ بُرْئِهِ، فَرُدَّتْ، ثُمَّ أَعَادُوهَا بَعْدَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ وَبُرْءِ الْجَرِيحِ، فَفِي رَدِّهَا وَجْهَانِ) .
أَحَدُهُمَا: تُقْبَلُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْمَانِعِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، أَشْبَهَ زَوَالَ الصِّبَا، وَلِأَنَّ رَدَّهَا بِسَبَبٍ لَا عَارَ فِيهِ، فَلَا يُتَّهَمُ فِي قَصْدِ نَفْيِ الْعَارِ بِإِعَادَتِهَا، بِخِلَافِ الْفِسْقِ.
وَالثَّانِي: لَا تُقْبَلُ، صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ.
وَذَكَرَ فِي الْكَافِي: أَنَّهُ الْأَوْلَى، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ؛ لِأَنَّ رَدَّهَا بِاجْتِهَادِهِ فَلَا يَنْقُضُ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِهِ، وَلِأَنَّهَا رُدَّتْ بِالتُّهْمَةِ كَالْمَرْدُودَةِ لِلْفِسْقِ، وَنَصَرَ الْمُؤَلِّفُ الْأَوَّلَ، فَإِنَّ الْأَصْلَ قَبُولُ شَهَادَةِ الْعَدْلِ، وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ، وَأَمَّا نَقْضُ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ فَهُوَ جَائِزٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُسْتَقْبَلِ، غَيْرُ جَائِزٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَاضِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute