الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يُسْتَوْفَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ وَقَالُوا: أَخْطَأْنَا. فَعَلَيْهِمْ دِيَةُ مَا تَلِفَ، وَيَتَقَسَّطُ الْغُرْمُ بينهم عَلَى عَدَدِهِمْ. فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمْ غَرِمَ بِقِسْطِهِ.
وَإِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ سِتَّةٌ بِالزِّنَى،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْحُكْمِ (قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يُسْتَوْفَ) قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ ; لِأَنَّهُ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ، وَالْمَالُ يُمْكِنُ جَبْرُهُ، وَالْقِصَاصُ شُرِعَ لِلتَّشَفِّي لَا لِلْجَبْرِ.
فَعَلَى هَذَا: تَجِبُ دِيَةُ الْقَوَدِ، فَإِنْ وَجَبَ عَيْنًا فَلَا. قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يُسْتَوْفَى إِنْ كَانَ لِآدَمِيٍّ كَالْفِسْقِ الطَّارِئِ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ. (وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ. (وَقَالُوا: أَخْطَأْنَا. فَعَلَيْهِمْ دِيَةُ مَا تَلِفَ) أَوْ أَرْشُ الضَّرْبِ ـ نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ ــ، وَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَيُعَزَّرَا وَلَا قَوَدَ ; لِأَنَّ بِإِقْرَارِهِمْ حَصَلَ التَّلَفُ بِسَبَبِهِمْ، لَكِنْ عَلَى طَرِيقِ الْخَطَأِ. فَلَزِمَتْهُمُ الدِّيَةُ مُخَفَّفَةً. فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: عَمَدْتُ. وَقَالَ الْآخَرُ: أَخْطَأْتُ. فَعَلَى الْعَامِدِ نِصْفُ الدِّيَةِ مُغَلَّظًا، وَعَلَى الْآخَرِ نِصْفُهَا مُخَفَّفًا، وَلَا قَوَدَ، فِي الْأَصَحِّ.
وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: عَمَدْنَا. وَقَالَ الْآخَرُ: أَخْطَأْنَا. قُتِلَ الْمُعْتَرِفُ بِالْعَمْدِ. زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: فِي رِوَايَةٍ: أَوْ غَرِمَ نِصْفَ الدِّيَةِ مُغَلَّظًا، وَالْمُخْطِئُ نَصِفَهَا مُخَفَّفًا ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ. وَإِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ: عَمَدْتُ، وَلَا أَدْرِي مَا فَعَلَ غَيْرِي. قُتِلَا. جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي.
وَفِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ: لَا قَوَدَ عَلَيْهِمَا ; لِأَنَّ إِقْرَارَ كُلٍّ مِنْهُمَا لَوِ انْفَرَدَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَوَدٌ. (وَيَتَقَسَّطُ الْغُرْمُ) بَيْنَهُمْ (عَلَى عَدَدِهِمْ) لِأَنَّ التَّفْوِيتَ حَصَلَ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ، فَوَجَبَ تَقْسِيطُ الْغَرَامَةِ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ، كَمَا لَوِ اتَّفَقَ جَمَاعَةٌ وَأَتْلَفُوا مِلْكًا لِإِنْسَانٍ.
فَعَلَى هَذَا: لَوْ رَجَعَ شَاهِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ غَرِمَ الْعُشْرَ. (فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمْ غَرِمَ بِقِسْطِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ. كَمَا لَوْ رَجَعْنَا جَمِيعًا. وَقِيلَ: يَجِبُ الْكُلُّ عَلَى الرَّاجِعِ ; لِأَنَّ الْحَقَّ ثَبَتَ بِهِ. ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ.
فَرْعٌ: إِذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِمَالٍ ثُمَّ رَجَعُوا، غَرِمَ الرَّجُلُ النِّصْفَ وَهُمَا النِّصْفَ.
نَصَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute