غَيْرِهِ أَوْ دَعْوَى عَلَيْهِ فِي الْإِثْبَاتِ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ. وَمَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ لِجَمَاعَةٍ، فَقَالَ: أَحْلِفُ لَهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً. فَرَضُوا جَازَ وَإِنْ أَبَوْا حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِحَدِيثِ الْحَضْرَمِيِّ «وَلَكِنْ أُحَلِّفُهُ وَاللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا أَرْضِي غَصَبَنِيهَا أَبُوهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْإِحَاطَةُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ فِعْلِ نَفْسِهِ. وَكَالشَّهَادَةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ بِالْقَطْعِ فِيمَا يُمْكِنُ الْقَطْعُ فِيهِ مِنَ الْعُقُودِ.
وَعَلَى الظَّنِّ فِيمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْقَطْعُ مِنَ الْأَمْلَاكِ وَالْأَنْسَابِ.
وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِيمَا لَا يُمْكِنُ الْإِحَاطَةُ بِانْتِفَائِهِ، كَالشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ إِلَّا فُلَانٌ وَفُلَانٌ.
وَعَنْهُ: يَمِينُ النَّفْيِ الْعِلْم فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَعَنْهُ: وَغَيْرُهَا عَلَى الْعِلْمِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَاحْتَجَّ بِالْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَحْمَدُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَرْفُوعًا «لَا تَضْطَرُّوا النَّاسَ فِي أَيْمَانِهِمْ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى مَا لَا يَعْلَمُونَ» .
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يَمِينُهُ بَتٌّ عَلَى فِعْلِهِ، وَنَفْيٌ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ.
وَعَبْدُهُ كَأَجْنَبِيٍّ فِي حَلِفِهِ عَلَى الْبَتِّ. وَأَمَّا بَهِيمَتُهُ فَمَا يُنْسَبُ إِلَى تَفْرِيطٍ وَتَقْصِيرٍ فَعَلَى الْبَتِّ، وَإِلَّا فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ. (وَمَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ لِجَمَاعَةٍ، فَقَالَ: أَحْلِفُ لَهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً. فَرَضُوا جَازَ) ذَكَرَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ; لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَعْضُ الْيَمِينِ، كَمَا أَنَّ الْحُقُوقَ إِذَا قَامَتْ بِهَا الْبَيِّنَةُ الْوَاحِدَةُ لَا يَكُونُ لِكُلِّ حَقٍّ بَعْضُ الْبَيِّنَةِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ ; لِأَنَّ الْيَمِينَ حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ، فَإِذَا رَضِيَ بِهَا اثْنَانِ صَارَتِ الْحُجَّةُ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَاقِصَةً، وَالْحَجَّةُ النَّاقِصَةُ لَا تَكْمُلُ بِرِضَى الْخَصْمِ، كَمَا لَوْ رَضِيَ أَنْ يُحْكَمَ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ.
١ -
(وَإِنْ أَبَوْا حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ; لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.
وَحَكَى الْإِصْطَخْرِيُّ: أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ الْقَاضِيَ حَلَّفَ رَجُلًا بِحَقٍّ لِرَجُلَيْنِ يَمِينًا وَاحِدَةً، فَخَطَّأَهُ أَهْلُ عَصْرِهِ.