للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ. فَهُوَ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ. وَإِنْ قَالَ: لَهُ نِصْفُ هَذِهِ الدَّارِ. فَهُوَ مُقِرٌّ بِنِصْفِهَا. وَإِنْ قَالَ: لَهُ هَذِهِ الدَّارُ عَارِيَةٌ. ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْعَارِيَةِ.

وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِي (لَهُ أَلْفٌ فِي مَالِي) : يَصِحُّ ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ اسْتَحَقَّهُ بِسَبَبٍ سَابِقٍ، وَمِنْ مَالِي وَعْدٌ. قَالَ: وَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَا فَرْقَ بَيْنَ مِنْ وَالْفَاءِ فِي أَنَّهُ يُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِهِ إِلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ إِقْرَارًا إِذَا أَضَافَهُ إِلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ أَخْبَرَ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ مِنْهُ. (وَإِنْ قَالَ: لَهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ. فَهُوَ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ) لِأَنَّ ذَلِكَ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ: لَهُ عَلَى أَبِي دَيْنُ كَذَا.

وَفِي التَّرْغِيبِ: لَهُ فِي هَذَا الْمَالِ أَوْ فِي هَذِهِ التَّرِكَةِ أَلْفٌ. صَحَّ. قَالَ: وَيُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكَهُ.

فَلَوْ قَالَ الشَّاهِدُ: أَقَرَّ، وَكَانَ مِلْكَهُ إِلَى أَنْ أَقَرَّ. أَوْ قَالَ: هَذَا مِلْكِي إِلَى الْآنَ، وَهُوَ لِفُلَانٍ. فَبَاطِلٌ. وَلَوْ قَالَ: هُوَ لِفُلَانٍ، وَمَا زَالَ مِلْكِي إِلَى أَنْ أَقْرَرْتُ. لَزِمَهُ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ. (وَإِنْ قَالَ: لَهُ نِصْفُ هَذِهِ الدَّارِ. فَهُوَ مُقِرٌّ بِنِصْفِهَا) لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ. (وَإِنْ قَالَ: لَهُ هَذِهِ الدَّارُ عَارِيَةٌ. ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْعَارِيَةِ) لِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ. فَعَارِيَةٌ: بَدَلٌ مِنَ الدَّارِ، وَلَا تَكُونُ إِقْرَارًا بِالدَّارِ ; لِأَنَّهُ رَفَعَ بآخِرِ كَلَامَهُ مَا دَخَلَ فِي أَوَّلِهِ. وَهُوَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ ; لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الثَّانِي، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: ٢١٧] ، فَالشَّهْرُ يَشْتَمِلُ عَلَى الْقِتَالِ. فَعَلَى هَذَا: لَا تَثْبُتُ لَهُ الدَّارُ، وَإِنَّمَا تَثْبُتُ لَهُ مَنْفَعَتُهَا. فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَهُ الدَّارُ مَنْفَعَتُهَا.

وَإِنْ قَالَ: لَهُ هَذِهِ الدَّارُ هِبَةٌ. عُمِلَ بِالْبَدَلِ. وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ الدَّارَ لَا تَشْتَمِلُ عَلَى الْهِبَةِ. لَكِنْ يُوَجَّهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمِلْكِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَهُ الدَّارُ، إِقْرَارٌ بِالْمِلْكِ، وَالْمِلْكُ يَشْتَمِلُ عَلَى مِلْكِ الْهِبَةِ، فَقَدْ أُبْدِلَ مِنَ الْمِلْكِ بَعْضُ مَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْهِبَةُ. فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَهُ مِلْكُ الدَّارِ هِبَةً. وَحِينَئِذٍ تُعْتَبَرُ شُرُوطُ الْهِبَةِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ ; لِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ ـ أَيْ: عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ ـ مَنْعُ: لَهُ هَذِهِ الدَّارُ ثُلْثَاهَا.

وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ صِحَّتَهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَجْعَلُهُ اسْتِثْنَاءً بَلْ بَدَلًا. وَإِنْ قَالَ: هِبَةُ سُكْنَى، أَوْ هِبَةٌ عَارِيَةٌ. عُمِلَ بِالْبَدَلِ.

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ بُطْلَانُ الِاسْتِثْنَاءِ هُنَا ; لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى الرَّقَبَةَ وَبَقَاءَ الْمَنْفَعَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>