للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهِيَ لَهُ وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ. وَإِنِ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ مِائَةً دَيْنًا فَأَقَرَّ لَهُ، ثُمَّ ادَّعَى آخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَقَرَّ لَهُ. ولم يخلف الميت إلا مائة، فَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَهِيَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَا فِي مَجْلِسَيْنِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ، وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي وَإِنْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَمِائَتَيْنِ، وَادَّعَى رَجُلٌ مِائَةً دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ، فَصَدَّقَهُ أَحَدُ الِابْنَيْنِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، لَزِمَ الْمُقِرَّ نَصْفُهَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَدْلًا فَيَحْلِفُ الْغَرِيمُ مَعَ شَهَادَتِهِ وَيَأْخُذُ مِائَةً، وَتَكُونُ الْمِائَةُ الْبَاقِيَةُ بَيْنَ الِابْنَيْنِ، وَإِنْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَعَبْدَيْنِ مُتَسَاوِيَيِ الْقِيمَةِ، لَا يَمْلِكُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لِإِقْرَارِهِ لَهُ، فَاخْتَصَّ بِهَا. (وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ) فِي الْأَصَحِّ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ ; لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ، وَالْيَمِينُ طَرِيقُ ثُبُوتِ الْحَقِّ أَوْ بَدَلُهُ. وَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ النُّكُولَ كَالْإِقْرَارِ، وَلَوْ أَقَرَّ لَزِمَهُ الْغُرْمُ، فَكَذَا إِذَا نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ. (وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ مِائَةً دَيْنًا) أَيْ: بِدَيْنٍ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ. قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ. (فَأَقَرَّ لَهُ، ثُمَّ ادَّعَى آخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَقَرَّ لَهُ) وَلَمْ يُخَلِّفِ الْمَيِّتُ إِلَّا مِائَةً (فَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَهِيَ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ حُكْمَ الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ حَكَمُ الْحَالَةِ الْوَاحِدَةِ. (وَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسَيْنِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ، وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي) ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَالسَّامَرِّيُّ وَالْمُؤَلِّفُ فِي الْكَافِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ ; لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَحَقَّ تَسَلُّمَهُ كُلَّهُ بِالْإِقْرَارِ، فَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُ الْوَارِثِ بِمَا يُسْقِطُ حَقَّهُ ; لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ.

وَقِيلَ: يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ مُطْلَقًا. وَأَطْلَقَ الْأَزَجِيُّ احْتِمَالًا: يَشْتَرِكَانِ كَإِقْرَارِ مَرِيضٍ لَهُمَا. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: يَتَشَارَكَانِ إِنْ تَوَاصَلَ الْكَلَامُ بِالْإِقْرَارَيْنِ، وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَوَّلُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يَتَشَارَكَانِ مُطْلَقًا كَإِقْرَارِ الْمَوْرُوثِ.

وَالْفَرْقُ: أَنَّ إِقْرَارَ الْمَوْرُوثِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ، وَالْوَارِثُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُعَلِّقَ بِالتَّرِكَةِ دَيْنًا آخَرَ، وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي التَّرِكَةِ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ قَضَاءَ الدَّيْنِ، بِخِلَافِ الْمَوْرُوثِ. ١

(وَإِنْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَمِائَتَيْنِ، وَادَّعَى رَجُلٌ مِائَةً دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ، فَصَدَّقَهُ أَحَدُ الِابْنَيْنِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، لَزِمَ الْمُقِرَّ نَصْفُهَا) مِنْ سَهْمِهِ ; لِأَنَّهُ يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ دَيْنِ أَبِيهِ، وَلِكَوْنِهِ لَا يَرِثُ إِلَّا نِصْفَ التَّرِكَةِ، فَلَزِمَهُ نِصْفُ الدَّيْنِ. كَمَا لَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ. وَيَحْلِفُ الْمُنْكِرُ وَيَبْرَأُ. (إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَدْلًا فَيَحْلِفُ الْغَرِيمُ مَعَ شَهَادَتِهِ) وَلَوْ لَزِمَ الْمُقِرَّ جَمِيعُ الدَّيْنِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ عَلَى أَخِيهِ ; لِكَوْنِهِ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا. (وَيَأْخُذُ مِائَةً) لِأَنَّ الْمَالَ ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ. (وَتَكُونُ الْمِائَةُ الْبَاقِيَةُ بَيْنَ الِابْنَيْنِ) لِأَنَّهَا مِيرَاثٌ لَا تَعَلُّقَ لِأَحَدٍ بِهَا سِوَاهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>