للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصَحُّ عِنْدِي. فَإِنْ أَحْرَمَ مَأْمُومًا، ثُمَّ نَوَى الِانْفِرَادَ لِعُذْرٍ جَازَ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَجُزْ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَإِنْ نَوَى الْإِمَامَةَ لِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ إِذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

نَفْلٍ، قَدَّمَهُ فِي " التَّلْخِيصِ " وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَفِي " الْفُرُوعِ " اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ فِي ابْتِدَائِهَا أَشْبَهَ مَا لَوِ ائْتَمَّ بِمَأْمُومٍ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَصِحَّ) فِيهِمَا (وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِي) هَذَا رِوَايَةٌ عَنْهُ، وَاخْتَارَهَا المؤلف والشيخ تَقِيُّ الدِّينِ، «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَحْرَمَ وَحْدَهُ فَجَاءَ جَابِرٌ وَجَبَّارٌ فَصَلَّى بِهِمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ " قُلْتُ: رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ مُسَاوَاةُ الْفَرْضِ لِلنَّفْلِ فِي النِّيَّةِ، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إِلَى ذَلِكَ، فَصَحَّ كَحَالَةِ الِاسْتِخْلَافِ.

(فَإِنْ أَحْرَمَ مَأْمُومًا، ثُمَّ نَوَى الِانْفِرَادَ لِعُذْرٍ) كَمَرَضٍ، وَغَلَبَةِ نُعَاسٍ، وَتَطْوِيلِ إِمَامٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ (جَازَ) لِمَا رَوَى جَابِرٌ قَالَ: «صَلَّى مُعَاذٌ بِقَوْمِهِ، فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَتَأَخَّرَ رَجُلٌ فَصَلَّى وَحْدَهُ فَقِيلَ لَهُ: فَقَالَ: لَآتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؛ مَرَّتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ، وَكَالطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، فَلَوْ زَالَ عُذْرُهُ، وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَهُ الدُّخُولُ مَعَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ، وَكَمَسْبُوقٍ مُسْتَخْلَفٍ أَتَمَّ مَنْ خَلْفَهُ صَلَاتَهُمْ، فَعَلَى هَذَا إِنْ فَارَقَهُ فِي ثَانِيَةِ الْجُمْعَةِ لِعُذْرٍ، أَتَمَّهَا جُمْعَةً كَمَسْبُوقٍ، وَإِنْ فَارَقَهُ فِي الْأُولَى فَكَمَزْحُومٍ فِيهَا حَتَّى تَفُوتَهُ الرَّكْعَتَانِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَصِحُّ الظُّهْرُ قَبْلَ الْجُمْعَةِ أَتَمَّ نَفْلًا، وَإِنْ فَارَقَهُ فِي قِيَامٍ أَتَى بِبَقِيَّةِ الْقِرَاءَةِ، وَبِعْدَهَا لَهُ الرُّكُوعُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ ظَنَّ فِي صَلَاةِ سِرٍّ أَنَّ الْإِمَامَ قَرَأَ، لَمْ يَقْرَأْ، وَعَنْهُ: بَلَى، لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ الرُّكُوعَ.

١ -

فَرْعٌ: لَوْ سَلَّمَ مَنْ لَهُ عُذْرٌ، ثُمَّ صَلَّى وَحْدَهُ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَجُوزُ، فَيُحْمَلُ فِعْلَ مَنْ فَارَقَ مُعَاذًا عَلَى ظَنِّ الْجَوَازِ، لَكِنْ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِهِ، وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَجُزْ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) وَهِيَ الْأَصَحُّ، كَمَا لَوْ تَرَكَ مُتَابَعَةَ إِمَامِهِ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ، وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ، وَلَا تَبْطُلُ، كَمَا إِذَا نَوَى الْمُنْفَرِدُ الْإِمَامَةَ بَلْ هَاهُنَا أَوْلَى، فَإِنَّ الْمَأْمُومَ قَدْ يَصِيرُ مُنْفَرِدًا بِغَيْرِ نِيَّةٍ، وَهُوَ الْمَسْبُوقُ إِذَا سَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>