بِهِ وَبِالْقِرَاءَةِ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ مِنِ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ مَمْدُودَةَ الْأَصَابِعِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَبَثٌ، وَلَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِهِ كَالْعَبَثِ بِسَائِرِ جَوَارِحِهِ، وَإِنَّمَا لَزِمَ الْقَادِرَ ضَرُورَةً.
(و) يُسْتَحَبُّ أَنْ (يَجْهَرَ الْإِمَامُ بِالتَّكْبِيرِ كُلِّهِ) بِحَيْثُ يُسْمِعُ مَنْ خَلْفَهُ، وَأَدْنَاهُ سَمَاعُ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ مَطْلُوبٌ لِمَا فِيهِ مِنْ مُتَابَعَةِ الْمَأْمُومِينَ لِإِمَامِهِمْ، وَكَذَا جَهْرُهُ بِتَسْمِيعٍ وَسَلَامٍ، وَقِرَاءَةٍ فِي جَهْرِيَّةٍ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إِسْمَاعُهُمْ، جَهَرَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِيُسْمِعَهُمْ، لِمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ خَلْفَهُ، فَإِذَا كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبَّرَ أَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُنَا» وَكَذَا حُكْمُ جَهْرِهِ بِتَحْمِيدٍ، وَسَلَامٍ لِحَاجَةٍ فَيُسَنُّ (وَيُسَرُّ غَيْرُهُ بِهِ) أَيْ: بِالتَّكْبِيرِ (وَبِالْقِرَاءَةِ) لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ، وَرُبَّمَا لُبِسَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ، وَإِنَّمَا سُنَّ لَهُ الْإِسْرَارُ بِهَا فِي حَالِ إِخْفَاءِ الْإِمَامِ لَا فِي حَالِ جَهْرِهِ، لِأَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْإِنْصَاتُ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ مَسْنُونَيَّةِ الْإِسْرَارِ وَالْإِنْصَاتِ مُتَنَاقِضٌ (بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ) لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ أَنْ يَجْهَرَ بِكُلِّ قَوْلٍ وَاجِبٍ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ كَلَامًا بِدُونِ الصَّوْتِ، وَهُوَ مَا يَتَأَتَّى سَمَاعُهُ، وَأَقْرَبُ السَّامِعِينَ إِلَيْهِ نَفْسُهُ، وَهَذَا لَيْسَ يُفِيدُ فِي مَسْنُونِيَّةِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَوْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ مَنْ يَلِيهِ فَقَطْ لَكَانَ مُسِرًّا آتِيًا بِالْمَقْصُودِ، وَهَذَا إِنْ لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ مِنْ سَمَاعِ نَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ، فَبِحَيْثُ يَحْصُلُ السَّمَاعُ مَعَ عَدَمِهِ (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) نُدِبَا بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ عِنْدَ افْتِتَاحِهَا، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ اتِّفَاقًا، وَيُقَالُ لِتَارِكِهِ: تَارِكُ السُّنَّةِ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا بَأْسَ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مُبْتَدِعٌ; فَإِنْ عَجَزَ عَنْ رَفْعِ إِحْدَى يَدَيْهِ رَفَعَ الْأُخْرَى; فَإِنْ كَانَتَا فِي كُمَّيْهِ رَفْعَهُمَا لِخَبَرِ وَائِلِ بْنِ حَجَرٍ (مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ) أَيْ: يَكُونُ ابْتِدَاءُ الرَّفْعِ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ، وَانْتِهَاؤُهُ مَعَ انْتِهَائِهِ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِمَا رَوَى وَائِلُ بْنُ حَجَرٍ: «أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرِ» وَلِأَنَّ الرَّفْعَ لِلتَّكْبِيرِ فَكَانَ مَعَهُ، وَعَنْهُ: يَرْفَعُهُمَا قَبْلَ التَّكْبِيرِ، ثُمَّ يَحُطُّهُمَا بَعْدَهُ، لِأَنَّهُ يَنْفِي الْكِبْرِيَاءَ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ، وَبِالتَّكْبِيرِ يُثْبِتُهَا لِلَّهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute