قَرَأَ قَدْرَهَا فِي عَدَدِ الْحُرُوفِ، وَقِيلَ: فِي عَدَدِ الْآيَاتِ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ إِلَّا آيَةً وَاحِدَةً كَرَّرَهَا بِقَدْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُتَرْجَمَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرَوَى أَبُو وَائِلٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ آمِينَ يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَقَالَ عَطَاءٌ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُؤَمِّنُ، وَيُؤَمِّنُونَ حَتَّى إِنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلُجَّةً. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَعَنْ أَحْمَدَ: تَرْكُ الْجَهْرِ، وَعَلَى الْأُولَى، وَهِيَ الْأَصَحُّ يَقُولُهَا الْمَأْمُومُ بَعْدَ الْإِمَامِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مَعًا، وَإِنْ تَرَكَهُ إِمَامٌ أَوْ أَسَرَّهُ، جَهَرَ بِهِ مَأْمُومٌ لِيُذَكِّرَ النَّاسَ، فَإِنْ تَرَكَهُ حَتَّى قَرَأَ غَيْرَهُ لَمْ يَقُلْهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُؤَلِّفُ لِذِكْرِ الْمُنْفَرِدِ، وَحُكْمُهُ الْجَهْرُ بِهَا قِيَاسًا عَلَيْهِمَا.
١ -
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، فَقِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ فِي التَّكْبِيرِ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا لَا يُسْتَحَبُّ (فَإِنْ لَمْ يُحْسِنِ الْفَاتِحَةَ) لَزِمَهُ تَعَلُّمُهَا، لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الصَّلَاةِ، فَلَزِمَهُ تَحْصِيلُهَا إِذَا أَمْكَنَهُ كَشُرُوطِهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْهُ إِمَّا لِبُعْد حفظه (أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ تَعَلُّمِهَا) سَقَطَ. قَالَ أَبُو الْفَرَجِ: إِذَا طَالَ زَمَنُهُ (قَرَأَ) لِمَا رَوَى رِفَاعَةُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ مَعَكَ قِرَاءَةٌ فَاقْرَأْ، وَإِلَّا فَاحْمَدِ اللَّهَ، وَهَلِّلْهُ، وَكَبِّرْ، ثُمَّ ارْكَعْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إِلَى الذِّكْرِ إِلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْقِرَاءَةِ، وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ (قَدْرَهَا فِي عَدَدِ الْحُرُوفِ) هَذَا قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ، لِأَنَّ الثَّوَابَ مُقَدَّرٌ بِالْحَرْفِ فَكَفَى اعْتِبَارُهُ (وَقِيلَ فِي عَدَدِ الْآيَاتِ) دُونَ عَدَدِ الْحُرُوفِ (مِنْ غَيْرِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحجر: ٨٧] وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَدَّ الْفَاتِحَةَ سَبْعًا، وَلِأَنَّ مَنْ فَاتَهُ صَوْمٌ طَوِيلٌ لَمْ يَعْتَبِرْ فِي الْقَضَاءِ مِثْلَهُ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ بِعَدَدِ الْآيِ، وَالْحُرُوفِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ، لِأَنَّ الْحَرْفَ مَقْصُودٌ بِدَلِيلِ تَقْدِيرِ الْحَسَنَاتِ بِهِ، كَالْآيِ، وَلِيَكُونَ الْبَدَلُ كَالْمُبْدَلِ حَسَبَ الْإِمْكَانِ، وَعَنْهُ: يُجْزِئُهُ قِرَاءَةُ آيَةٍ (فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ إِلَّا آيَةً كَرَّرَهَا بِقَدْرِهَا) قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute