للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَاءِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لَوْ نَكَّسَ التَّكْبِيرَ (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ، رَفَعَهُمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَيَرْفَعُهُمَا مَعَ رَفْعِ رَأْسِهِ فِي رِوَايَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ، وَعَنْهُ: بَعْدَ اعْتِدَالِهِ، نَقَلَ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ رَأَى أَحْمَدَ يَفْعَلُهُ، وَقِيلَ: يَرْفَعُهُمَا الْمَأْمُومُ مَعَ رَأْسِهِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حَقِّهِ ذِكْرٌ بَعْدَ الِاعْتِدَالِ، وَالرَّفْعُ إِنَّمَا جُعِلَ هَيْئَةً لِلذِّكْرِ، وَكَذَا الْمُنْفَرِدُ، إِنْ قُلْنَا: لَا يَقُولُ بَعْدَ الرَّفْعِ شَيْئًا (فَإِذَا قَامَ) أَيِ: اعْتَدَلَ قَائِمًا (قَالَ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ) هَذَا مَشْرُوعٌ فِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ إِثْبَاتِ الْوَاوِ وَحَذْفِهَا، وَبِهَا أُفَضِّلُ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَيَكُونُ أَكْثَرَ حُرُوفًا، وَيَتَضَمَّنُ الْحَمْدَ مُقَدَّرًا أَوْ مُظْهَرًا، فَإِنَّ التَّقْدِيرَ: رَبَّنَا حَمِدْنَاكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ، لِأَنَّ الْوَاوَ لَمَّا كَانَتْ لِلْعَطْفِ، وَلَا شَيْءَ هَا هُنَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ ظَاهِرًا، دَلَّ أَنَّ فِي الْكَلَامِ مُقَدَّرًا، وَهُوَ قَوْلُ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَبِلَا (وَاوٍ) أَفْضَلُ، نُصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَكْثَرُ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ» ، وَعَنْهُ: يَقُولُ: «رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» ، وَلَا يَتَخَيَّرُ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ ": وَكَيْفَمَا قَالَ جَازَ، وَكَانَ حَسَنًا، لِأَنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ بِهِ.

فَرْعٌ: إِذَا عَطَسَ حَالَ رَفْعِهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ لَهُمَا لَا يُجْزِئُهُ، نُصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُخَلِّصْهُ لِلرَّفْعِ، وَصَحَّحَ الْمُؤَلِّفُ الْإِجْزَاءَ كَمَا لَوْ قَالَهُ ذَاهِلًا، وَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا تَعَيَّنَ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنِ الْآخَرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>