الدَّبْغِ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَعَنْهُ: يَطْهُرُ مِنْهَا جِلْدُ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي الْحَيَاةِ وَلَا يَطْهُرُ جِلْدُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمَائِعَاتِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَصْحَابِ مَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ، وَذَكَرُوهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَلَوْ لَمْ يُنَجِّسِ الْمَاءَ بِأَنْ كَانَتْ تَسَعُ قُلَّتَيْنِ، لِأَنَّهَا نَجِسَةُ الْعَيْنِ، وَجَوَّزَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إِذَا لَمْ يُنَجِّسِ الْمَاءَ (بَعْدَ الدَّبْغِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) كَذَا فِي ابْنِ تَمِيمٍ، وَفِي " الْمُغْنِي "، و" الشَّرْحِ " وَخَصَّاهُ بِجِلْدِ طَاهِرٍ حَالَ الْحَيَاةِ، وَبَعْضُهُمْ حَكَاهُمَا قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ جِلْدَ كَلْبٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ.
وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ وَهِيَ الْأَصَحُّ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: «تُصُدِّقَ عَلَى مَوْلَاةٍ لِمَيْمُونَةَ بِشَاةٍ، فَمَرَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: هَلَّا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا، فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا فَتَحُوا فَارِسَ انْتَفَعُوا بِسُرُوجِهِمْ، وَأَسْلِحَتِهِمْ، وَذَبَائِحُهُمْ مَيْتَةٌ، وَنَجَاسَتُهُ لَا تَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ بِهِ، كَالِاصْطِيَادِ بِالْكَلْبِ، وَإِذَا جَازَ اسْتِعْمَالُهُ جَازَ دَبْغُهُ، وَإِلَّا احْتَمَلَ التَّحْرِيمَ، وَاحْتَمَلَ الْإِبَاحَةَ، كَغَسْلِ نَجَاسَةٍ بِمَائِعٍ، وَمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ، وَإِنْ لَمْ يُطَهِّرْ، قَالَهُ الْقَاضِي. وَكَلَامُ غَيْرِهِ خِلَافُهُ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ.
فَرْعٌ: اخْتَلَفَ قَوْلُ أَحْمَدَ فِي جَوَازِ الْخَرْزِ بِشَعَرِ الْخِنْزِيرِ، وَفِي كَرَاهَتِهِ رِوَايَتَانِ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ الْخَرْزُ بِرَطْبِهِ، وَفِي يَابِسِهِ الْخِلَافُ، فَإِنْ خَرَزَ بِرَطْبِهِ وَجَبَ غَسْلُهُ.
مَسْأَلَةٌ: يَجُوزُ اتِّخَاذُ مُنْخُلٍ مِنْ شَعَرٍ نَجِسٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُكْرَهُ.
(وَعَنْهُ: يَطْهُرُ مِنْهَا جِلْدُ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي الْحَيَاةِ) قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَهِيَ أَوْلَى، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ أَنَّهَا آخِرُ قَوْلَيْ أَحْمَدَ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ» .
وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الْمَأْكُولَ، وَغَيْرَهُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ مَا كَانَ نَجِسًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute