للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّوَايَتَيْنِ، وَيُجَافِي عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَبَطْنَهُ عَنْ فَخْذَيْهِ، وَيَضَعُ يَدَيْهِ، حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يُزِيلُ عَنْهُمْ ضَرَرَ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِهِمْ وَأَكُفِّهِمْ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ أَوْ تَسْقِيفِ الْمَسْجِدِ أَوْ نَحْوِهِ، لَا أَنَّهُمْ طَلَبُوا الرُّخْصَةَ فِي السُّجُودِ عَلَى الْعَمَائِمِ، وَالْأَكْمَامِ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا طَلَبَهُ الْفُقَرَاءُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَمَائِمُ، وَلَا أَكْمَامٌ طِوَالٌ يَتَّقُونَ بِهَا الرَّمْضَاءَ، وَعَلَى الصِّحَّةِ فَفِي كَرَاهَةِ حَائِلٍ مُتَّصِلٍ حَتَّى طِينٍ كَثِيرٍ رِوَايَتَانِ، وَلَا يُكْرَهُ لِعُذْرٍ، نَقَلَهُ صَالِحٌ، وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ السَّامِرِيُّ أَنَّ ظَاهِرَ مَا نَقَلَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لَا فَرْقَ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، بَلْ قَالَ جَمَاعَةٌ: يُكْرَهُ بِمَكَانٍ شَدِيدِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لِتَرْكِ الْخُشُوعِ، كَمُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ.

١ -

مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى: إِذَا سَجَدَ عَلَى يَدَيْهِ لَمْ يُجْزِئْهُ قَوْلًا وَاحِدًا، لِأَنَّ السُّجُودَ عليهَا يُفْضِي إِلَى تَدَاخُلِ أَعْضَاءِ السُّجُودِ، قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ: لَمْ أَجِدْ عَنْ أَحْمَدَ نَصًّا فِيهَا، وَيُجْزِئُهُ إِنْ قُلْنَا: لَا يَجِبُ السُّجُودُ عَلَى غَيْرِ الْجَبْهَةِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْوُجُوبِ، فَلَا، لِئَلَّا يَتَدَاخَلَ مَحَلُّ السُّجُودِ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ.

الثَّانِيَةُ: إِذَا عَلَا مَوْضِعُ رَأْسِهِ عَلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ فَلَمْ تَسْتَعْلِ الْأَسَافِلُ بِلَا حَاجَةٍ جَازَ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ، وَقِيلَ: إِنْ كَثُرَ، وَقَالَ فِي " التَّلْخِيصِ ": التَّنْكِيسُ فِي السُّجُودِ، وَهُوَ اسْتِعْلَاءُ الْأَسَافِلِ وَاجِبٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْيَسِيرَ لَا بَأْسَ بِهِ دُونَ الْكَثِيرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةٌ التَّنْكِيسَ فِي الْوَاجِبَاتِ، وَالسُّنَنِ.

١ -

(و) يُسَنُّ أَنْ (يُجَافِيَ عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَبَطْنِهِ عَنْ فَخْذَيْهِ) وَفَخْذَيْهِ عَنْ سَاقَيْهِ، لِمَا فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا سَجَدَ يَجْنَحُ حَتَّى يُرَى وَضَحُ إِبِطَيْهِ» وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا سَجَدَ أَمْكَنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ مِنَ الْأَرْضِ، وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي " رِسَالَتِهِ ": جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَجَدَ لَوْ مَرَّتْ بَهِيمَةٌ لَنَفِدَتْ، وَذَلِكَ لِشَدَّةِ رَفْعِ مَرْفِقَيْهِ، وَعَضُدَيْهِ، وَهَذَا مَا لَمْ يُؤْذِ جَارَهُ» (وَيَضَعُ يَدَيْهِ) يَعْنِي رَاحَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ مَبْسُوطَتَيْنِ مَضْمُومَتَيِ الْأَصَابِعِ مُسْتَقْبِلًا بِهِمَا الْقِبْلَةَ، «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا سَجَدَ ضَمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>