تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي مَغْرِبٍ أَوْ رُبَاعِيَّةٍ نَهَضَ مُبَكِّرًا إِذَا فَرَغَ مِنَ التَّشَهُّدِ. وَصَلَّى الثَّالِثَةَ وَالرَّابِعَةَ مِثْلَ الثَّانِيَةِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجْهَرُ، وَلَا يَقْرَأُ شَيْئًا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ،
ثُمَّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِطَرَفَيِ الصَّلَاةِ (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ جَازَ) نُصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَالْجَدُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَنَصَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ قَدْ شَمِلَتْ جَمِيعَهَا، وَالسَّلَامُ مِنْ جُمْلَتِهَا، فَاكْتفى فِيهِ بِالنِّيَّةِ الْمُسْتَصْحَبِ حُكْمُهَا، وَكَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَلَمْ تَجِبِ النِّيَّةُ لِلْخُرُوجِ مِنْهَا كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: تَبْطُلُ صَلَاتُهُ) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمَذْهَبِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ هُبَيْرَةَ، لِأَنَّهُ أَحَدُ طَرَفَيِ الصَّلَاةِ، فَوَجَبَتْ فِيهِ النِّيَّةُ كَالطَّرَفِ الْأَوَّلِ، فَعَلَى هَذَا هِيَ رُكْنٌ، وَقِيلَ: إِنْ سَهَا عَنْهَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ، فَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْهَا مَعَ الْحَفَظَةِ وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ جَازَ، نُصَّ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَى سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ، وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ لِلتَّشْرِيكِ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ: السُّنَّةُ أَنْ يَنْوِيَ بِالْأُولَى الْخُرُوجَ، وَبِالثَّانِيَةِ عَلَى الْحَفَظَةِ وَمَنْ مَعَهُ إِنْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ، وَإِنْ نَوَى بِسَلَامِهِ الْحَاضِرِينَ، وَلَمْ يَنْوِ الْخُرُوجَ، فَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: تَبْطُلُ وَجْهًا وَاحِدًا لِتَمَحُّضِهِ خِطَابَ آدَمِيٍّ، وَالْأَشْهَرُ يَجُوزُ، وَعَنْهُ: لَا يَتْرُكُ السَّلَامَ عَلَى إِمَامِهِ، وَإِنْ وَجَبَتِ الثَّانِيَةُ اعْتَبَرَ الْخُرُوجَ مِنْهَا (وَإِنْ كَانَ فِي مَغْرِبٍ أَوْ رُبَاعِيَّةٍ نَهَضَ مُكَبِّرًا إِذَا فَرَغَ مِنَ التَّشَهُّدِ) كَنُهُوضِهِ مِنَ السُّجُودِ قَائِمًا عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ وِفَاقًا، وَعَنْهُ: بَلَى، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ، وَحَفِيدُهُ، وَهِيَ أَظْهَرُ، وَقَدْ صَحَّحَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ (وَصَلَّى الثَّالِثَةَ، وَالرَّابِعَةَ مِثْلَ الثَّانِيَةِ) لِقَوْلِهِ: «ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا» وَاقْتَضَى كَلَامُهُ مُسَاوَاةَ الثَّالِثَةِ لِلرَّابِعَةِ فِي عَدَمِ التَّطْوِيلِ، لِأَنَّهَا مِثْلُهَا (إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجْهَرُ) فِيهِمَا بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ (وَلَا يَقْرَأُ شَيْئًا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالَ ابْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute