للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا، وَلَا يَجِبُ السُّجُودُ لَهَا، وَهَلْ يُشْرَعُ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَمَا سِوَى هَذَا مِنْ سُنَنِ الْأَفْعَالِ، لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا، وَلَا يُشْرَعُ السُّجُودُ لَهَا.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لَهَا) لِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ وَاجِبٍ، فَجَبْرُهَا أَوْلَى، لَكِنْ يُكْرَهُ تَرْكُهَا (وَهَلْ يُشْرَعُ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا: يُشْرَعُ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ سَالِمٍ الْعَنْسِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ» وَإِسْمَاعِيلُ رِوَايَتُهُ عَنِ الشَّامِيِّينَ حُجَّةٌ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ فَذَكَرَهُ، وَلِأَنَّ السُّجُودَ جُبْرَانٌ، فَشُرِعَ لِيَجْبُرَ مَا فَاتَ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يُشْرَعُ، وَهِيَ ظَاهِرُ " الْوَجِيزِ " لِأَنَّ تَرْكَهَا عَمْدًا لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، فَلَمْ يُشْرَعْ لِسَهْوِهَا سُجُودٌ كَسُنَنِ الْأَفْعَالِ، وَلِأَنَّ السُّجُودَ زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يَجُزْ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ (وَمَا سِوَى هَذَا مِنْ سُنَنِ الْأَفْعَالِ) وَتُسَمَّى هَيْئَاتُهَا كَرَفْعِ يَدَيْهِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَالرُّكُوعِ، وَالرَّفْعِ مِنْهُ، وَوَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، وَالنَّظَرِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، وَوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فِي الرُّكُوعِ، وَالتَّجَافِي فِيهِ، وَفِي السُّجُودِ، وَمَدِّ الظَّهْرِ مُعْتَدِلًا، وَجَعْلِهِ حِيَالَ رَأْسِهِ، وَالْبَدَاءَةِ بِوَضْعِ الرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ فِي السُّجُودِ، وَعَكْسُهُ فِي الْقِيَامِ مِنْهُ، وَفِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ فِي السُّجُودِ، وَوَضْعِ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ مَضْمُومَةً مُسْتَقْبِلًا بِهِمَا الْقِبْلَةَ، وَنَصْبِ قَدَمَيْهِ، وَفَتْحِ أَصَابِعِهِمَا فِي السُّجُودِ وَالْجُلُوسِ، وَالِافْتِرَاشِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَفِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَالتَّوَرُّكِ فِي الثَّانِي، وَوَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْفَخِذِ الْيُمْنَى مَقْبُوضَةً مُحَلَّقَةً، وَالْإِشَارَةِ بِالسَّبَّابَةِ، وَوَضْعِ الْيُسْرَى عَلَى الْفَخِذِ الْيُسْرَى مَبْسُوطَةً، وَالِالْتِفَاتِ فِي السَّلَامِ عَنْ يَمِينِهِ، وَيَسَارِهِ، وَالسُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ، وَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، وَنِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْهَا فِي سَلَامِهِ عَلَى مَا سَبَقَ (لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا) لِأَنَّهَا سُنَّةٌ (وَلَا يُشْرَعُ السُّجُودُ لَهَا) نَصَرَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْ تَرْكِهَا لِكَثْرَتِهَا، فَلَوْ شُرِعَ السُّجُودُ لَمْ تَخْلُ صَلَاةٌ مِنْ سُجُودٍ فِي الْغَالِبِ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سُنَنِ الْأَقْوَالِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِمَا، فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>