للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ تَكَلَّمَ لِغَيْرِ مصْلحَةِ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ، وَإِنْ تَكَلَّمَ لِمَصْلَحَتِهَا، فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: إِحْدَاهُنَّ تَبْطُلُ. وَالثَّانِيَةُ: لَا تَبْطُلُ، وَالثَّالِثَةُ: تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ دُونَ الْإِمَامِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

إِذَا كَانَتَا صَلَاتَيْ جَمْعٍ أَتَمَّهَا، ثُمَّ سَجَدَ عَقِيبَهَا لِلسَّهْوِ عَنِ الْأُولَى، لِأَنَّهُمَا كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَالْأَوَّلُ: الْمَذْهَبُ، لِأَنَّهُ عَمِلَ عَمَلًا مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ سَهْوًا فَلَمْ تَبْطُلْ، كَمَا لَوْ زَادَ رَكْعَةً، وَأَمَّا إِتْمَامُ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ فَلَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْأُولَى بِالسَّلَامِ، وَنِيَّةُ الْخُرُوجِ مِنْهَا، وَلَمْ يَنْوِهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَنِيَّةُ غَيْرِهَا لَا تُجْزِئُ عَنْ نِيَّتِهَا كَحَالَةِ الِابْتِدَاءِ (أَوْ تَكَلَّمَ) فِي هَذِهِ الْحَالِ أَيْ: إِذَا سَلَّمَ يَظُنُّ أَنَّ صَلَاتَهُ قَدْ تَمَّتْ (لِغَيْرِ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ) كَقَوْلِهِ: يَا غُلَامُ اسْقِنِي مَاءً، وَنَحْوِهِ (بَطَلَتْ) نُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، لِمَا رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ: " لَا يَحِلُّ مَكَانٌ لَا يَصْلُحُ "، وَعَنْهُ: لَا تَفْسُدُ بِالْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْحَالِ، لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ النِّسْيَانِ، أَشْبَهَ الْمُتَكَلِّمَ جَاهِلًا، وَأَطْلَقَ جَمْعٌ الْخِلَافَ.

(وَإِنْ تَكَلَّمَ لِمَصْلَحَتِهَا فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ، إِحْدَاهُنَّ تَبْطُلُ) مُطْلَقًا اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ، وَصَاحِبُهُ، وَقَدَّمَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ " و" الرِّعَايَةِ " وَصَحَّحَهَا جَمَاعَةٌ، وَهِيَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، لِمَا رَوَى زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ قَالَ: «كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ، يُكَلِّمُ الرَّجُلُ مِنَّا صَاحِبَهُ، وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلَاةِ، حَتَّى نَزَلَتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِلتِّرْمِذِيِّ فِيهِ: «كُنَّا نَتَكَلَّمُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ» . وَزَيْدٌ مَدَنِيٌّ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَسْخَ الْكَلَامِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَيُعَضِّدُهُ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ (وَالثَّانِيَةُ: لَا تَبْطُلُ) مُطْلَقًا، نُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، وَقَدَّمَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>