قَبْلَهُ، وَإِنْ نَسِيَهُ قَبْلَ السَّلَامِ، قَضَاهُ مَا لَمْ يُطِلِ الْفَصْلَ، أَوْ يَخْرُجْ مِنَ الْمَسْجِدِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، وَابْنُهُ أَبُو الْفَرَجِ قَالَ فِي " الْخِلَافِ ": وَهُوَ الْقِيَاسُ لِحَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ وَغَيْرِهِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَعَنْهُ: عَكْسُهُ، لِحَدِيثِ ثَوْبَانَ: «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ» رَوَاهُ سَعِيدٌ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ الشَّامِيِّينَ (وَعَنْهُ: مَا كَانَ مِنْ زِيَادَةٍ فَهُوَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ كَانَ قَبْلَهُ) وَقَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَجَدَ فِي حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَبْلَ السَّلَامِ، وَكَانَ مِنْ نَقْصٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ سُجُودٍ سَجَدَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَعْدَ السَّلَامِ فَهُوَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَسَائِرُ السُّجُودِ قَبْلَهُ، وَعَنْهُ: عَكْسُهُ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي مَحَلِّ وُجُوبِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ " الْمُسْتَوْعِبِ " و" التَّلْخِيصِ " وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَحْمَدَ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ فِي مَحَلِّ الْفَضْلِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " و" الْوَجِيزِ " وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " قَالَ الْقَاضِي: لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلِ، فَلَا مَعْنَى لِادِّعَاءِ النَّسْخِ (وَإِنْ نَسِيَهُ قَبْلَ السَّلَامِ قَضَاهُ مَا لَمْ يَطُلِ الْفَصْلُ) عُرْفًا (أَوْ يَخْرُجْ مِنَ الْمَسْجِدِ) ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " و" التَّلْخِيصِ " و" الْمُحَرَّرِ " وَغَيْرِهِمْ، لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ والكلام» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّهُ لِتَكْمِيلِ الصَّلَاةِ فَلَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ كَرُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا، وَلِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَحَلُّ الصَّلَاةِ، فَاعْتُبِرَتْ فِيهِ الْمُدَّةُ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا طَالَ أَوْ خَرَجَ أَوْ أَحْدَثَ لَمْ يَسْجُدْ، وَصَحَّتْ، وَأَنَّهُ يَأْتِي بِهِ، وَلَوْ تَكَلَّمَ صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " لِلْخَبَرِ، وَعَنْهُ: مَتَّى تَكَلَّمَ امْتَنَعَ مِنَ السُّجُودِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ، وَقِيلَ: إِنْ تَكَلَّمَ لَا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ لَمْ يَسْجُدْ، وَقِيلَ: إِنْ طَالَ الْفَصْلُ، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ لَمْ يُمْنَعْ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، لِأَنَّ حُكْمَ الْمَسْجِدِ حُكْمُ الْبُقْعَةِ الْوَاحِدَةِ، فَكَأَنَّهُ بَاقٍ فِي مُصَلَّاهُ بِدَلِيلِ الِاقْتِدَاءِ، وَقِيلَ: يَسْجُدُ، وَإِنْ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يَطُلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute