للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَآكَدُهَا صَلَاةُ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ

ثُمَّ الْوَتْرُ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ

وَوَقْتُهُ مَا بَيْنَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

اسْتِيعَابُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ بِالْعِبَادَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا أَفْضَلُ مِنْ جِهَادٍ لَمْ تَذْهَبْ فِيهِ نَفْسُهُ وَمَالُهُ. وَنَقَلَ مُهَنَّا: طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ لِمَنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ. قِيلَ: فَأَيُّ شَيْءٍ تَصْحِيحُ النِّيَّةِ؟ قَالَ: يَنْوِي: يَتَوَاضَعُ فِيهِ، وَيَنْفِي عَنْهُ الْجَهْلَ. وَقِيلَ: بَلِ الصَّوْمُ؛ «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأَبِي أُمَامَةَ: " عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ» . رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَفِيهِ لِينٌ.

وَقِيلَ: مَا تَعَدَّى نَفْعُهُ؛ كَعِيَادَةِ مَرِيضٍ، وَاتِّبَاعِ جِنَازَةٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ أَنَّ الطَّوَافَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَذَكَرَهُ عَنِ الْجُمْهُورِ.

وَقِيلَ: الْحَجُّ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ جِهَادٌ؛ فَإِنَّ فِيهِ مَشْهَدًا لَيْسَ فِي الْإِسْلَامِ مِثْلُهُ؛ وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَإِنْ مَاتَ بِهِ، فَقَدْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ.

وَنَقَلَ عَنْهُ مُهَنَّا: أَفْضَلِيَّةَ الذِّكْرِ عَلَى الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ.

قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": فَيَتَوَجَّهُ أَنَّ عَمَلَ الْقَلْبِ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ الْجَوَارِحِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَفْضَلَهَا جِهَادٌ ثُمَّ تَوَابِعُهُ، ثُمَّ عِلْمٌ: تَعَلُّمُهُ وَتَعْلِيمُهُ، ثُمَّ صَلَاةٌ.

وَنَصَّ: أَنَّ طَوَافَ الْغَرِيبِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِيهِ، وَالْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الصَّحِيحِ، ثُمَّ مَا تَعَدَّى نَفْعُهُ، فَصَدَقَةٌ عَلَى قَرِيبٍ مُحْتَاجٍ أَفْضَلُ مِنْ عِتْقٍ، وَعِتْقٌ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، إِلَّا زَمَنَ حَاجَةٍ، ثُمَّ حَجٌّ، ثُمَّ عِتْقٌ، ثُمَّ صَوْمٌ.

وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّ الذِّكْرَ بِقَلْبٍ أَفْضَلُ مِنَ الْقِرَاءَةِ بِلَا قَلْبٍ؛ وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ: (وَآكَدُهَا صَلَاةُ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ) لِأَنَّهُ يُشْرَعُ لَهَا الْجَمَاعَةُ مُطْلَقًا، أَشْبَهَا الْفَرَائِضَ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ صلاة الْكُسُوفَ آكَدُ مِنْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَتْرُكْهَا عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهَا، بِخِلَافِ الِاسْتِسْقَاءِ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَسْتَسْقِي تَارَةً، وَيَتْرُكُ أُخْرَى، وَيُلْحَقُ بِهِمَا فِي الْآكَدِيَّةِ مَا تُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ كَالتَّرَاوِيحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>