للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ. اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَتَوَلَّنَا فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يُذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِرِضَاكَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

آخِرِهِ: اللَّهُمَّ عَذِّبْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَهَاتَانِ سُورَتَانِ فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ.

قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَتَبَهُمَا أُبَيٌّ فِي مُصْحَفِهِ إِلَى قَوْلِهِ: مُلْحِقٌ، زَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ: وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُكَ.

(اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ) أَصْلُ الْهُدَى: الرَّشَادُ وَالْبَيَانُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: ٥٢] فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: ٥٦] فَهِيَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، وَالْإِرْشَادُ، وَطَلَبُ الْهِدَايَةِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ كَوْنِهِمْ مُهْتَدِينَ بِمَعْنَى طَلَبِ التَّثَبُّتِ عَلَيْهَا، أَوْ بِمَعْنَى الْمَزِيدِ مِنْهَا. (وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْتَ) الْمُرَادُ بِهَا: الْعَافِيَةُ مِنَ الْأَسْقَامِ، وَالْبَلَايَا، وَالْمُعَافَاةُ: أَنْ يُعَافِيَكَ اللَّهُ مِنَ النَّاسِ، وَيُعَافِيَهُمْ مِنْكَ، وَ (بَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْتَ) الْبَرَكَةُ: الزِّيَادَةُ، وَقِيلَ: هِيَ حُلُولُ الْخَيْرِ الْإِلَهِيِّ فِي الشَّيْءِ، وَالْعَطِيَّةُ: الْهِبَةُ، وَالْمُرَادُ بِهَا: مَا أَنْعَمَ بِهِ، (وَتَوَلَّنَا فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ) الْوَلِيُّ: ضِدُّ الْعَدُوِّ؛ وَهُوَ فَعِيلٌ مِنْ تَلَيْتُ الشَّيْءَ إِذَا عَنَيْتَ بِهِ، وَنَظَرْتَ فِيهِ؛ كَمَا يَنْظُرُ الْوَلِيُّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى يَنْظُرُ فِي أَمْرِ وَلِيِّهِ بِالْعِنَايَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَلَيْتُ الشَّيْءَ: إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَاسِطَةٌ؛ بِمَعْنَى أَنَّ الْوَلِيَّ يَقْطَعُ الْوَسَائِطَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَصِيرَ فِي مَقَامِ الْمُرَاقَبَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ؛ وَهُوَ مَقَامُ الْإِحْسَانِ، (وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ) سُبْحَانَهُ لَا رَادَّ لِأَمْرِهِ، وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ؛ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ «إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلَفْظُهُ لَهُ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: «عَلَّمَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي قُنُوتِ الْوَتْرِ: (اللَّهُمَّ اهْدِنِي) إِلَى (وَتَعَالَيْتَ) وَلَيْسَ فِيهِ: (وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ) » ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَأَثْبَتَهَا فِيهِ، وَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ. وَالرِّوَايَةُ إِفْرَادُ الضَّمِيرِ، وَجَمَعَهَا الْمُؤَلِّفُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْمَأْمُومَ فِي الدُّعَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>