تَنْزِلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ، فَلِلْإِمَامِ خَاصَّةً الْقُنُوتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ.
ثُمَّ السُّنَنُ الرَّاتِبَةُ، وَهِيَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَنَسٍ قَالَ: «مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» . رَوَاهُ الْخَطِيبُ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، وَاسْمُهُ عِيسَى بْنُ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ، وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ وَضَعَّفَهُ آخَرُونَ، وَلِأَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقْنُتُ فِيهَا بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ، بَلْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْنُتُ فِيهَا، وَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي؛ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، ثُمَّ تَرَكَهُ» وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ مَسْعُودٍ نَحْوَهُ مَرْفُوعًا.
وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: إِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَخَلْفَ عَلِيٍّ هَاهُنَا بِالْكُوفَةِ نَحْوًا مِنْ خَمْسِ سِنِينَ: أَكَانُوا يَقْنُتُونَ فِي الْفَجْرِ؟ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ مُحْدَثٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَقَالَ: الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَيْسَ فِيهِ " فِي الْفَجْرِ "، وَيُجَابُ عَنْ حَدِيثِ أَنَسٍ السَّابِقِ أَنَّهُ أَرَادَ طُولَ الْقِيَامِ؛ فَإِنَّهُ يُسَمَّى قُنُوتًا، أَوْ أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ إِذَا دَعَا لِقَوْمٍ، أَوْ دَعَا عَلَيْهِمْ، لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا.
وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ، إِلَّا إِذَا دَعَا لِقَوْمٍ، أَوْ دَعَا عَلَيْهِمْ» وَعَنْ فِعْلِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي أَوْقَاتِ النَّوَازِلِ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْقُنُوتُ فِي الْفَجْرِ بِدْعَةٌ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ مَفْرُوضَةٌ، فَلَمْ يُسَنَّ فِيهَا كَبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ (إِلَّا أَنْ تَنْزِلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ) : هِيَ الشَّدِيدَةُ مِنْ شَدَائِدِ الدَّهْرِ، (فَلِلْإِمَامِ) أَيْ: يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هُوَ الَّذِي قَنَتَ، فَيَتَعَدَّى الْحُكْمُ إِلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَعَنْهُ: وَنَائِبُهُ، وَعَنْهُ: بِإِذْنِهِ، وَعَنْهُ: وَإِمَامُ جَمَاعَةٍ، وَعَنْهُ: كُلُّ مُصَلٍّ (خَاصَّةً الْقُنُوتَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ) هَذَا رِوَايَةٌ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute