للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ فِي الْفَضَاءِ أَبْعَدَ وَاسْتَتَرَ، وَارْتَادَ مَكَانًا رَخْوًا، وَلَا يَبُولُ فِي شَقٍّ، وَلَا سَرَبٍ، وَلَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مِنَ الْأَرْضِ (أَبْعَدَ) لِمَا رَوَى جَابِرٌ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أَرَادَ الْبَرَازَ انْطَلَقَ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَرَّحَ السَّامِرِيُّ بِاسْتِحْبَابِ ذَلِكَ (وَاسْتَتَرَ) بِمَا أَمْكَنَهُ مِنْ حَائِشِ نَخْلٍ، أَوْ كَثِيبِ رَمْلٍ، لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: «كَانَ أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَاجَتِهِ هَدَفٌ، أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفُسِّرَ بِأَنَّهُ جَمَاعَةُ النَّخْلِ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ جُهْدُهُ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَذَكَرَ السَّامِرِيُّ أَنَّهُ يَنْبَغِي ذَلِكَ (وَارْتَادَ) أَيْ: طَلَبَ (مَكَانًا رَخْوًا) يَجُوزُ فِيهِ فَتْحُ الرَّاءِ وَكَسْرُهَا، وَمَعْنَاهُ: لَيِّنًا هَشًّا أَوْ عَالٍ، أَوْ يُلْصِقُ ذَكَرَهُ بِالْأَرْضِ الصُّلْبَةِ، لِمَا رَوَى أَبُو مُوسَى قَالَ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ، فَأَرَادَ أَنْ يَبُولَ، فَأَتَى دَمِثًا فِي أَصْلِ جِدَارٍ، فَبَالَ، ثُمَّ قَالَ: إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْتَدْ لِبَوْلِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّهُ يَأْمَنُ بِذَلِكَ مِنْ رَشَاشِ الْبَوْلِ.

(وَلَا يَبُولُ فِي شَقٍّ) بِفَتْحِ الشِّينِ، وَاحِدُ الشُّقُوقِ (وَلَا سَرَبٍ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ، عِبَارَةٌ عَنِ الثُّقْبِ، وَهُوَ مَا يَتَّخِذُهُ الدَّبِيبُ، وَالْهَوَامُّ بَيْتًا فِي الْأَرْضِ، لِمَا رَوَى قَتَادَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُبَالَ فِي الْجُحْرِ، قَالُوا لِقَتَادَةَ: مَا يُكْرَهُ مِنْ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ؛ قَالَ: يُقَالُ: إِنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>