للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَصَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ قِيَاسًا عَلَى الْجُمُعَةِ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ، إِلَّا مِنْ عُذْرٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَيَّةَ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَصَحَّحَ عَبْدُ الْحَقِّ: أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ.

لَكِنْ قَالَ الشَّرِيفُ: لَا يَصِحُّ عَنْ أَصْحَابِنَا فِي كَوْنِهَا شَرْطًا، وَعَنْهُ: سُنَّةٌ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: «بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. ذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَنَّهُ نَشَأَ مِنْ ضَرْبِ خَمْسَةٍ فِي مِثْلِهَا، وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ الْوَحْدَةُ وَالِاجْتِمَاعُ.

وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجْهًا أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَمُقَاتَلَةُ تَارِكِهَا كَالْأَذَانِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: يَنْعَقِدُ بِاثْنَيْنِ فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ، وَلَوْ أُنْثَى وَعَبْدٍ، لَا بِصَبِيٍّ فِي فَرْضٍ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَيُشْتَرَطُ فِيهِمْ أَنْ يَكُونُوا أَحْرَارًا، وَلَوْ سَفَرًا فِي شِدَّةِ خَوْفٍ، فَلَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا مُطْلَقًا صَحَّتْ، وَلَا يَنْقُصُ أَجْرُهُ مَعَ الْعُذْرِ، وَبِدُونِهِ فِي صَلَاتِهِ فَضْلٌ، خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَغَيْرِهِ فِي الْأُولَى، وَلِنَقْلِهِ عَنْ أَصْحَابِنَا فِي الثَّانِيَةِ، وَكَذَا قِيلَ لِلْقَاضِي: عِنْدَكُمْ لَا فَضْلَ فِي صَلَاةِ الْفَذِّ؛ فَقَالَ: قَدْ تَحْصُلُ الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ، وَلَا خَيْرَ فِي أَحَدِهِمَا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ النِّيَّةِ بَيْنَهُمَا بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ ثُبُوتُ الْأَجْرِ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَلَا نِسْبَةَ وَلَا تَقْدِيرَ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كَأَبِي الْخَطَّابِ فِيمَنْ عَادَتُهُ الِانْفِرَادُ مَعَ الْعُذْرِ، وَإِلَّا تَمَّ أَجْرُهُ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَنَّ مَنْ صَلَّى قَاعِدًا لِعُذْرٍ، لَهُ أَجْرُ الْقَائِمِ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ؛ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا» قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ تَسَاوِيهِمَا فِي أَصْلِ الْأَجْرِ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>