. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَسَائِلُ: الْجِنُّ مُكَلَّفُونَ فِي الْجُمْلَةِ؛ يَدْخُلُ كَافِرُهُمُ النَّارَ، وَمُؤْمِنُهُمُ الْجَنَّةَ، لَا أَنَّهُ تَصِيرُ تُرَابًا كَالْبَهَائِمِ، وَثَوَابُهُ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ، وَهُمْ فِي الْجَنَّةِ كَغَيْرِهِمْ بِقَدْرِ ثَوَابِهِمْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: لَا يَأْكُلُونَ، وَلَا يَشْرَبُونَ فِيهَا، أَوْ أَنَّهُمْ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَلَمْ يُبْعَثْ إِلَيْهِمْ نَبِيٌّ قَبْلَ نَبِيِّنَا، وَلَيْسَ مِنْهُمْ رَسُولٌ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: بَلَى؛ وَهُوَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ.
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: هُمْ كَالْإِنْسِ فِي التَّكْلِيفِ، وَالْعِبَادَاتِ، وَفِي النَّوَادِرِ تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ بِالْمَلَائِكَةِ، وَبِمُسْلِمِي الْجِنِّ؛ وَهُوَ مَوْجُودٌ زَمَنَ النُّبُوَّةِ، وَالْمُرَادُ فِي الْجُمُعَةِ مَنْ لَزِمَتْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَامِدٍ، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ لَا يَنْعَقِدُ بِآدَمِيٍّ لَا تَلْزَمُهُ، كَمُسَافِرٍ وَصَبِيٍّ. فَهُنَا أَوْلَى.
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُمْ كَالْإِنْسِ فِي الْحَدِّ وَالْحَقِيقَةِ، فَلَا يَكُونُ تَكْلِيفُهُمْ مُسَاوِيًا لِمَا عَلَى الْإِنْسِ، لَكِنْ يُشَارِكُونَهُمْ فِي جِنْسِ التَّكْلِيفِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ، بِلَا نِزَاعٍ؛ فَقَدْ يَدُلُّ عَلَى مُنَاكَحَتِهِمْ، وَغَيْرِهَا، وَيَقْتَضِيهِ إِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ، وَفِي " الْمُغْنِي ": لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِجِنِّيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ كَالْهِبَةِ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": فَيَتَوَجَّهُ مِنِ انْتِفَاءِ التَّمْلِيكِ مِنَّا مَنْعُ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ، وَإِذَا صَحَّ نِكَاحُ جِنِّيَّةٍ، فَهِيَ فِي الْحُقُوقِ كَآدَمِيَّةٍ، لِظَاهِرِ الشَّرْعِ، إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ ذَلِكَ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ: إِنَّ مَا بِيَدِهِمْ مِلْكُهُمْ مَعَ إِسْلَامِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ كَالْحَرْبِيِّ، وَيَجْرِي التَّوَارُثُ الشَّرْعِيُّ، وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ صَلَاتِهِمْ مَا يُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْآدَمِيِّ، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ: أَنَّهُمْ فِي الزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ كَذَلِكَ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ ظُلْمُ الْإِنْسِ، وَظُلْمُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَيَسْقُطُ فَرْضُ غُسْلِ مَيِّتٍ بِغُسْلِهِمْ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ مِثْلَهُ كُلُّ فَرْضِ كِفَايَةٍ إِلَّا الْأَذَانَ، وَكَذَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute