للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الْمُسَافِرِ. وَالْبَصِيرُ أَوْلَى مِنَ الْأَعْمَى فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ

وَهَلْ تَصِحُّ إِمَامَةُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

(وَالْحُرُّ أَوْلَى مِنَ الْعَبْدِ) ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ فِي أَحْكَامِهِ، وَأَشْرَفُ، وَيَصْلُحُ إِمَامًا فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ، وَلَوْ تَبَعَّضَ، وَعَنْهُ: الْعَبْدُ أَوْلَى إِنْ كَانَ أَفْضَلَ أَوْ أَدْيَنَ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَاقْتَضَى ذَلِكَ صِحَّةَ إِمَامَتِهِ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَ يَؤُمُّهَا غُلَامٌ لَهَا، وَفِيهِ شَيْءٌ، وَلِعُمُومِ «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ» وَصَلَّى ابْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ، وَأَبُو ذَرٍّ وَرَاءَ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ وَهُوَ عَبْدٌ، رَوَاهُ صَالِحٌ فِي مَسَائِلِهِ، وَلِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْأَذَانِ، فَصَحَّ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا كَالْحُرِّ، فَعَلَى هَذَا لَا يُكْرَهُ، جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ (وَالْحَاضِرُ أَوْلَى مِنَ الْمُسَافِرِ) ذَكَرَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا أَمَّ حَصَلَ جَمِيعُ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ بِخِلَافِهِ.

وَقَالَ الْقَاضِي: إِنْ كَانَ إِمَامًا فَهُوَ أَحَقُّ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ؛ «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ عَامَ الْفَتْحِ، وَيَقُولُ لِأَهْلِ الْبَلَدِ: صَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنَّا سَفَرٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، فَعَلَى هَذَا يُتِمُّهَا الْمُقِيمُ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَسْبُوقٍ، فَإِنْ أَتَمَّ الْمُسَافِرُ فَرِوَايَتَا مُتَنَفِّلٍ بِمُفْتَرِضٍ.

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَيْسَ بِجَيِّدٍ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، فَلَيْسَ بِمُتَنَفِّلٍ، وَصَحَّحَ فِي " الشَّرْحِ " الصِّحَّةَ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا نَوَى الْإِتْمَامَ لَزِمَهُ، فَيَصِيرُ الْمَجْمُوعُ فَرْضًا، فَعَلَى هَذَا لَا تُكْرَهُ إِمَامَتُهُ بِمُسَافِرٍ، كَعَكْسِهِ، وَفِي " الْفُصُولِ ": إِنْ نَوَى الْمُسَافِرُ الْقَصْرَ احْتَمَلَ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ؛ لِأَنَّ الِائْتِمَامَ لَزِمَهُ حُكْمًا (وَالْبَصِيرُ أَوْلَى مِنَ الْأَعْمَى فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "؛ لِأَنَّهُ أَقْدَرُ عَلَى تَوَقِّي النَّجَاسَاتِ، وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِاجْتِهَادِهِ، وَالثَّانِي: يُقَدَّمُ الْأَعْمَى؛ وَهُوَ رِوَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَخْشَعُ لِكَوْنِهِ لَا يَشْتَغِلُ فِي الصَّلَاةِ بِمَا يُلْهِيهِ، وَعَنْهُ: هُمَا سَوَاءٌ، وَقَالَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْخُشُوعَ مَعَ تَوَقِّي النَّجَاسَةِ يَتَقَابَلَانِ، فَيَتَسَاوَيَانِ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَصِيرَ لَوْ غَمَّضَ عَيْنَيْهِ كُرِهَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>