. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أُخْرَى (فَإِنْ صَلَّى فَذًّا رَكْعَةً لَمْ يَصِحَّ) وَقَالَهُ النَّخَعِيُّ وَإِسْحَاقُ؛ لِمَا رَوَى عَلِيُّ بْنُ شَيْبَانَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا صَلَاةَ لِفَرْدٍ خَلْفَ الصَّفِّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَعَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: ثَبَّتَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَلِأَنَّهُ خَالَفَ الْوُقُوفَ، أَشْبَهَ مَا لَوْ وَقَفَ قُدَّامَ الْإِمَامِ، وَظَاهِرُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَامِدِ وَالْعَالِمِ وَضِدِّهِمَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ فَذًّا أَنَّهَا تَصِحُّ، وَعَنْهُ: عَكْسُهَا، اخْتَارَهُ فِي " الرَّوْضَةِ "، وَعَنْهُ: إِنْ عَلِمَ النَّهْيَ، وَعَنْهُ: تَصِحُّ، حَكَاهَا الدَّيْنَوَرِيُّ؛ «لِأَنَّ أَبَا بَكْرَةَ - وَاسْمُهُ نُفَيْعٌ - رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا، وَلَا تَعُدْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ.
وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَهَاهُ عَنِ الْعَوْدِ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَعَذَرَهُ فِيمَا فَعَلَهُ بِالْجَهْلِ، وَفِيهِ نَظَرٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ: فِي النَّفْلِ، وَبَنَاهُ فِي " الْفُصُولِ " عَلَى مَنْ صَلَّى بَعْضَ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ نَوَى الِائْتِمَامَ، وَفِي " النَّوَادِرِ " رِوَايَةٌ: يَصِحُّ لِخَوْفِهِ تَضْيِيقًا؛ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ لِعُذْرٍ، وَحَيْثُ صَحَّتْ، فَالْمُرَادُ مَعَ الْكَرَاهَةِ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ إِلَّا لِعُذْرٍ؛ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا، وَقِيلَ: تَصِحُّ فَذًّا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، قَالَهُ فِي التَّعْلِيقِ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ أَفْضَلُ إِنْ تَعَيَّنَ صَفًّا، وَلِأَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ، فَكَانُوا سِتَّةً، فَجَعَلَ الصَّفَّ الْأَوَّلَ ثَلَاثَةً، وَالثَّانِيَ اثْنَيْنِ، وَالثَّالِثَ وَاحِدًا» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute