. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَظَاهِرُ مَا فَهِمْنَاهُ تَقْيِيدُ قَصْرِ الْعَدَدِ بِالْخَوْفِ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَرَّهُمَا عَلَى ذَلِكَ، وَقِيلَ: قَوْلُهُ (إِنْ خِفْتُمْ) كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ مَعْنَاهُ: وَإِنْ خِفْتُمْ.
«وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: صَحِبْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ لَا يَزِيدُ فِي السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ كَذَلِكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَمَنْ سَافَرَ سَفَرًا مُبَاحًا) ذَكَرَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَحَكَاهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَتَرَخَّصُ فِي الْعَوْدِ مِنَ السَّفَرِ؛ وَهُوَ مُبَاحٌ، وَكَالْغَزْوِ، وَفِي " الْوَجِيزِ " سَفَرًا جَائِزًا؛ وَهُوَ أَعَمُّ، وَالْمُرَادُ مَنِ ابْتَدَأَ سَفَرًا مُبَاحًا، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْفُرُوعِ "، وَالْأَصَحُّ: أَوْ هُوَ أَكْثَرُ قَصْدِهِ، وَعَنْهُ: لَا يَتَرَخَّصُ فِي سَفَرِ النُّزْهَةِ وَالتَّفَرُّجِ، اخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا شُرِعَ إِعَانَةً عَلَى تَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ، وَلَا مَصْلَحَةَ فِي هَذَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَامِدٍ اخْتِصَاصُهُ بِسَفَرِ الطَّاعَةِ.
وَقَالَ فِي " الْمُبْهِجِ ": إِذَا سَافَرَ لِتِجَارَةٍ مُكَاثِرًا فِي الدُّنْيَا فَهُوَ سَفَرُ مَعْصِيَةٍ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ وَهُوَ شَامِلٌ إِذَا غَرَبَتِ الْمَرْأَةُ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ، فَلَهُ التَّرَخَّصُ، وَكَذَا الزَّانِي، وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ، وَفِيهِمَا وَجْهٌ، وَدَلَّ عَلَى جَوَازِهِ فِي سَفَرٍ وَاجِبٍ مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ، وَلَا قَصْرَ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، وَأَبَاحَ فِي " التَّلْخِيصِ " تَنَاوُلَ الْمَيْتَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَوْ عَصَى فِي سَفَرِهِ الْمُبَاحِ لَمْ يُمْنَعِ التَّرَخُّصَ، كَارْتِكَابِهَا فِي الْحَضَرِ لَا يَمْنَعُهُ، وَمَنْ نَقَلَ سَفَرَهُ الْمُبَاحَ إِلَى مَعْصِيَةٍ لَمْ يَتَرَخَّصْ فِي الْأَصَحِّ لِزَوَالِ سَبَبِهِ، وَإِنْ نَقَلَ سَفَرَ الْمَعْصِيَةِ إِلَى مُبَاحٍ، وَقَدْ بَقِيَ مَسَافَةُ قَصْرٍ، قَصَرَ فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّ وُجُودَ مَا مَضَى مِنْ سَفَرِهِ كَعَدَمِهِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا سَافَرَ لِزِيَارَةِ الْقُبُورِ وَالْمَشَاهِدِ، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ ": لَا يُبَاحُ لَهُ التَّرَخُّصُ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute