الْأُولَى إِلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ، أَوْ تَقْدِيمِ الثَّانِيَةِ إِلَيْهَا.
وَلِلْجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأُولَى ثَلَاثَةُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ الْقَاضِي: قَالَ أَصْحَابُنَا: هُوَ عُذْرٌ يُبِيحُ الْجَمْعَ بِمُجَرَّدِهِ، وَيَلْحَقُ بِهِ الْمَشَقَّةُ كَالْمَطَرِ، وَالثَّانِي: لَا يُبِيحُهُ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّ مَشَقَّتَهُ دُونَ مَشَقَّةِ الْمَطَرِ، فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَأَذَّى بِهِ فِي نَفْسِهِ وَثِيَابِهِ، وَذَلِكَ أَعْظَمُ ضَرَرًا مِنَ الْبَلَلِ، وَظَاهِرُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقَيَّدَهُ الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي " رُءُوسِ الْمَسَائِلِ " بِاللَّيْلِ، وَظَاهِرُ كَلَامٍ ابْنِ أَبِي مُوسَى اعْتِبَارُ الظُّلْمَةِ لَيْلًا.
الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ فِي الرِّيحِ الشَّدِيدَةِ صَحَّحَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَالْآمِدِيُّ، وَابْنُ تَمِيمٍ.
قَالَ أَحْمَدُ: فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَجْمَعُ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ، زَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ: لَيْلًا، وَزَادَ فِي " الْمُذْهَبِ "، وَ " الْكَافِي "، وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " مَعَ ظُلْمَةٍ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، وَقَدْ عُلِمَا.
الثَّالِثَةُ: يَجُوزُ لِمَنْ يُصَلِّي وَحْدَهُ، أَوْ فِي جَمَاعَةٍ فِي بَيْتِهِ، أَوْ مَسْجِدِ طَرِيقِهِ تَحْتَ سَابَاطٍ، أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ خُطُوَاتٌ يَسِيرَةٌ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، قَالَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ الْعَامَّةَ يَسْتَوِي فِيهَا حَالُ وُجُودِ الْمَشَقَّةِ وَعَدَمِهَا، كَالسَّفَرِ، وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْمَذْهَبِ " لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ يُصَلِّي الثَّانِيَةَ جَمَاعَةً فِي وَقْتِهَا لَمْ يَجْمَعْ، وَإِلَّا جَمَعَ (وَيَفْعَلُ الْأَرْفَقَ بِهِ مِنْ تَأْخِيرِ الْأُولَى إِلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ، أَوْ تَقْدِيمِ الثَّانِيَةِ إِلَيْهَا) كَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَمِنْهُمْ صَاحِبُ " الْوَجِيزِ "، وَصَحَّحَهُ فِي " الشَّرْحِ " لِحَدِيثِ مُعَاذٍ السَّابِقِ، تَفَرَّدَ بِهِ قُتَيْبَةُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: قُلْتُ لَهُ: مَعَ مَنْ كَتَبْتَ هَذَا عَنِ اللَّيْثِ؛ قَالَ: مَعَ خَالِدٍ الْمَدَائِنِيِّ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَخَالِدٌ هَذَا كَانَ يُدْخِلُ الْأَحَادِيثَ عَلَى الشُّيُوخِ، وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، «وَأَخَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ يَوْمًا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، ثُمَّ خَرَجَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute