للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ جَمَعَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ، كَفَاهُ نِيَّةُ الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأُولَى، مَا لَمْ يَضِقْ عَنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَذَا ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ، مِنْهُمْ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْوَجِيزِ " لِأَنَّ افْتِتَاحَ الْأُولَى مَوْضِعُ النِّيَّةِ وَفَرَاغُهَا، وَافْتِتَاحُ الثَّانِيَةِ مَوْضِعُ الْجَمْعِ، وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ سَلَامِ الْأُولَى، وَأَنَّهُ مَتَى انْقَطَعَ ثُمَّ عَادَ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ صَحَّ الْجَمْعُ.

قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ: سَوَاءٌ قُلْنَا بِاعْتِبَارِ نِيَّةِ الْجَمْعِ أَوْ لَا، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ دَوَامُهُ فِي الْأُولَى، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا انْقَطَعَ الْمَطَرُ فِي الْأُولَى وَلَمْ يَعُدْ، أَنَّهُ يَبْطُلُ الْجَمْعُ، لَكِنْ إِنْ حَصَلَ وَحَلٌ وَقُلْنَا بِجَوَازِهِ لَهُ، لَمْ يَبْطُلْ، وَلَا يُشْتَرَطُ دَوَامُ الْعُذْرِ إِلَى فَرَاغِ الثَّانِيَةِ فِي جَمْعِ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَإِنِ انْقَطَعَ السَّفَرُ فِي الْأُولَى، بَطَلَ الْجَمْعُ مُطْلَقًا، وَيَصِحُّ وَيُتِمُّهَا، وَإِنِ انْقَطَعَ فِي الثَّانِيَةِ كَمَنْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِيهَا، أَوْ دَخَلَتِ السَّفِينَةُ الْبَلَدَ، بَطَلَ الْجَمْعُ، كَمَا لَوْ كَانَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا كَالْقَصْرِ وَالْمَسْحِ. فَعَلَى هَذَا تَنْقَلِبُ نَفْلًا، وَقِيلَ: تَبْطُلُ، وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ الْجَمْعُ كَانْقِطَاعِ الْمَطَرِ فِي الْأَشْهَرِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ انْقِطَاعُ الْمَطَرِ، لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، وَيَخْلُفُهُ الْوَحَلُ؛ وَهُوَ عُذْرٌ مُبِيحٌ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، وَمَرِيضٌ كَمُسَافِرٍ، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَنَّهُ إِذَا قَدِمَ الْمُسَافِرُ، أَوْ أَقَامَ، أَوْ عُوفِيَ الْمَرِيضُ بَعْدَ الثَّانِيَةِ، صَحَّ الْجَمْعُ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا، كَمَا لَوْ قَدِمَ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ.

(وَإِنْ جَمَعَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ كَفَاهُ) أَيْ: أَجْزَأَهُ (نِيَّةُ الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأَوْلَى) لِأَنَّهُ مَتَى أَخَّرَهَا عَنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، صَارَتْ قَضَاءً لَا جَمْعًا (مَا لَمْ يَضِقْ عَنْ فِعْلِهَا) كَذَا جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا عَنِ الْقَدْرِ الَّذِي يَضِيقُ عَنْ فِعْلِهَا حَرَامٌ، وَذَكَرَ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ: أَنْ يَنْوِيَهُ قَبْلَ أَنْ يَبْقَى مِنْ وَقْتِ الْأُولَى بِقَدْرِهَا، لِفَوْتِ فَائِدَةِ الْجَمْعِ؛ وَهِيَ التَّخْفِيفُ بِالْمُقَارَنَةِ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: أَوْ قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ أَوْ رَكْعَةٍ، وَذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " احْتِمَالًا؛ لِأَنَّهُ يُدْرِكُهَا بِهِ، وَحَمَلَ الْأَوَّلَ عَلَى أَنَّهُ الْأَوْلَى، وَقِيلَ: يَنْوِيهِ مِنَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ (وَ) يُشْتَرَطُ (اسْتِمْرَارُ الْعُذْرِ إِلَى دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ) لِأَنَّ الْمُجَوِّزَ لِلْجَمْعِ الْعُذْرُ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَمِرَّ، وَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ، لِزَوَالِ الْمُقْتَضِي، كَالْمَرِيضِ يَبْرَأُ، وَالْمُسَافِرِ يَقْدِمُ، وَالْمَطَرِ يَنْقَطِعُ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ وُجُودُ الْعُذْرِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ، لِأَنَّهُمَا صَارَتَا وَاجِبَتَيْنِ فِي ذِمَّتِهِ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>