. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَوْلُهُ: (جَعَلَ طَائِفَةً حَذْوَ الْعَدُوِّ) ، شَرَطَ أَبُو الْخَطَّابِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " التَّلْخِيصِ " أَنْ يَكُونَ الْمُصَلُّونَ يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُمْ طَائِفَتَيْنِ، كُلُّ طَائِفَةٍ ثَلَاثَةٌ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا سَجَدُوا} [النساء: ١٠٢] وَأَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، وَذَهَبَ الْمُؤَلِّفُ وَجَمْعٌ إِلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثَةِ يَصِحُّ بِهِ الْجَمَاعَةُ، فَجَازَ أَنْ تَكُونَ طَائِفَةٌ كَالثَّلَاثَةِ، بَلْ تُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا الْوَاحِدُ.
قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَإِنْ كَانَ كُلُّ طَائِفَةٍ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ، كُرِهَ، وَصَحَّ، وَظَاهِرُهُ لَا يَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا، لَكِنْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الطَّائِفَةُ الَّتِي بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ تَحْصُلُ الثِّقَةُ بِكِفَايَتِهَا، وَحِرَاسَتِهَا، زَادَ أَبُو الْمَعَالِي: بِحَيْثُ يَحْرُمُ فِرَارُهَا، فَإِنْ فَرَّطَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ أَثِمَ؛ وَهُوَ صَغِيرَةٌ، الْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَا يَقْدَحُ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَخْتَصُّ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: يَفْسُقُ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ، كَالْمُوَدِّعِ، وَمَتَى خَشِيَ اخْتِلَالَ حَالِهِمْ، وَاحْتِيجَ إِلَى مَعُونَتِهِمْ بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى، فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَنْهَزَ إِلَيْهِمْ بِمَنْ مَعَهُ، وَثَبَتُوا عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِمْ، فَإِنْ أَتَى الطَّائِفَةَ الَّتِي بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ مَدَدٌ، اسْتَغْنَتْ بِهِ عَنِ الْحِرَاسَةِ، فَهَلْ تَتْرُكُ الْحِرَاسَةَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ وَتُصَلِّي؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَعَلَيْهِمَا مَتَى صَلَّتْ، فَصَلَاتُهَا صَحِيحَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَطَائِفَةٌ تُصَلِّي مَعَهُ رَكْعَةً) ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَفِّفَ لَهُمُ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهَا عَلَى التَّخْفِيفِ، وَكَذَا الطَّائِفَةُ الَّتِي تُفَارِقُهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تُفَارِقُهُ حَتَّى يَسْتَقِلَّ قَائِمًا؛ لِأَنَّ النُّهُوضَ يَشْتَرِكُونَ فِيهِ جَمْعًا، فَلَا حَاجَةَ إِلَى مُفَارَقَتِهِمْ لَهُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهَا إِنَّمَا جَازَتْ لِلْعُذْرِ، وَتَنْوِي الْمُفَارَقَةَ؛ لِأَنَّ مَنْ تَرَكَ الْمُتَابَعَةَ، وَلَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ، بَطَلَتْ، وَتَسْجُدُ لِسَهْوِ إِمَامِهَا قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ عِنْدَ فَرَاغِهَا؛ وَهِيَ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ مُنْفَرِدَةٌ، وَقِيلَ: مَنْوِيَّةٌ، وَالطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مَنْوِيَّةٌ فِي كُلِّ صَلَاتِهِ، يَسْجُدُونَ لِسَهْوِهِ لَا لِسَهْوِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute